الرباط | لا تزال تفاعلات قضية الطفلة المنتحرة أمينة، التي وضعت حداً لحياتها إثر ارغامها على الزواج من مغتصبها، تُثير نقاشاً محتدماً في المغرب، حيث شنّت العديد من الجمعيات النسائية والفعاليات الحقوقية حملة شديدة على القانون المغربي الذي يشجع على تزويج المغتصَبة من مغتصِبها. وتصاعدت هذه الحملة أكثر على أثر تصريحات استفزازية لمسؤولين حكوميين من التيار الإسلامي حاولوا التقليل من رمزية هذه الحادثة وخطورتها، التي هزّت الرأي العام المغربي. ونظمت جمعيات نسائية، أول من أمس، في الدار البيضاء، وقفة تضامنية مع الطفلة أمينة، للمطالبة بتغيير القانون الجنائي المغربي باتجاه حماية أكبر لحقوق الفتيات القاصرات. ووجهت المشاركات في التجمع انتقادات لاذعة للوزراء الإسلاميين، أمثال وزير العدل مصطفى الرميد، ووزيرة المرأة، بسيمة الحقاوي.
وكانت الحقاوي قد أطلقت تصريحاً مثيراً للجدل، قالت فيه إن «تزويج الفتاة بمغتصبها قد يكون أحياناً في صالحها!»، الأمر الذي وضعها في مرمى انتقادات شديدة كانت إحداها في ندوة نظمتها جريدة «المساء» المغربية تحت عنوان «من أجل مقاربة اجتماعية وحقوقية مسألة اغتصاب وتزويج القاصرات»، وعقدت بحضور عائلة الضحية وممثلين عن المجتمع المدني ومختلف التيارات السياسية الموالية للنظام والمعارضة. وضجّت القاعة بالصراخ والاحتجاج فور إعطاء الكلمة للوزيرة ذات التوجه الإسلامي، التي تتهمها الجمعيات الحقوقية بتبنّي «مواقف مناهضة لحقوق النساء». وسعت الحقاوي لنزع فتيل الانتقادات بالقول إن «الجهات المختصة لا تزال تبحث في هذا الموضوع الشائك الذي تحيط به العديد من الإشكاليات القانونية»، قبل أن تضيف «لحكومتنا شهران فقط من الأداء السياسي، ومن المبكر إصدار حكم علينا».
بدورها، طالبت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديحة الرياضي، بأن «تتحمل الدولة المغربية مسؤولياتها، وأن يكون خطابها منسجماً». وأضافت «لقد واجهنا جميع الحكومات بخصوص هذه القضايا الحقوقية، وليس فقط الحكومة الحالية. لذا نطالب بتكتل المجتمع المدني لممارسة المزيد من الضغوط من أجل إلغاء البنود القانونية التي تمارس التمييز ضدّ المرأة»، فيما دعا أستاذ علم الأديان، مصطفى بوهندي، إلى «ضرورة تثوير النص الديني وإعادة قراءته من جديد وكسر جدار الصمت من حوله».
لكنّ المقرّبين من «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم، اتهموا الجمعيات النسائية بمحاولة «تصفية حساباتها مع الإسلاميين، من خلال استغلال قضية الطفلة أمينة».