لم يتردد الجنرال في الاحتياط الإسرائيلي، شاؤول موفاز، في دخول عالم السياسة من أوسع أبوابه حين عرض عليه رئيس الحكومة عام 2002، آرييل شارون، تسلم حقيبة الدفاع ولم يمضِ على تسرّحه من الجيش أكثر من أربعة أشهر. ورغم ادعاء شارون أن خلفيات التعيين مهنية بالدرجة الأولى، لم يلبث رئيس الأركان السادس عشر لجيش الاحتلال أن كشف عن ميوله السياسية، معلناً الانتساب إلى حزب «الليكود». وبعد ثلاث سنوات، وتحديداً في تشرين الثاني 2005، كان موفاز أمام مفترق طرق سياسي، حين أعلن شارون الانشقاق عن «الليكود» وتأليف حزب جديد تحت اسم «كديما». وهذه المرّة اجتاز موفاز مخاضاً عسيراً من التردّد، بدأ مع إعلانه الجازم البقاء في «الليكود» لأنه الحزب الذي «أتماهى معه عقائدياً»، قبل أن ينقلب بعد أيام قليلة عبر إعلان انضمامه إلى «كاديما».
في ذلك الوقت، أشارت التحليلات إلى أن القرار الانقلابي لموفاز جاء في أعقاب استطلاعات رأي أظهرت نتائجها أن فرصه للمنافسة على زعامة «الليكود» شبه معدومة، إلا أنه رفض هذا الربط وعلل انسحابه من الحزب بالقول إن الأخير «توجه نحو اليمين المتطرف».
يمينية موفاز «غير المتطرفة» عبّرت عن نفسها في جملةٍ من المحطات، أبرزها معارضته للانسحاب الأحادي من لبنان عام 2000، وبعد ذلك لـ«فك الارتباط» عن غزة عام 2005. كذلك عارض بناء السياج الفاصل في الضفة الغربية عام 2002، وكان ركناً أساسياً في اتخاذ قرار «الدرع الواقي» مطلع العام نفسه، الذي أدى إلى إعادة احتلال الضفة الغربية ومحاصرة الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، في المقاطعة، قبل السماح له بالمغادرة على شفير الموت. خلال هذه الفترة، سُجل لموفاز أنه أول من أسس لسياسة الاغتيالات الجوية لكوادر المقاومة الفلسطينية، التي سُميت في الأدبيات الإسرائيلية بـ«الإحباط المركز» وكان أبرز ضحايا مؤسس «حماس»، الشيخ أحمد ياسين، والقيادي عبد العزيز الرنتيسي.
وفي الملفات الراهنة، يبرز لموفاز موقفه الداعي إلى معالجة التوتر الدائم على جبهة غزة بصورة جذرية، وذلك من خلال اعتماد الخيار العسكري الشامل، في مقابل اعتراضه على اعتماد الخيار نفسه في مواجهة إيران التي يرى ضرورة استنفاد كافة السبل معها.
ولد موفاز عام 1948 في طهران لوالدين منحدرين من أصفهان، وهاجر إلى فلسطين المحتلة عام 1957، حيث تجند في جيش الاحتلال وتدرج فيه حتى تسلم رئاسة الأركان عام 1998. شغل في حكومة إيهود أولمرت بين 2006 و2009 منصب وزير المواصلات، وهو يرأس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست حالياً.