الرباط | يشهد الوسط النقابي في المغرب عواصف من النزاعات المحتدمة، منذ أسابيع، وتحديداً في صفوف «الاتحاد المغربي للشغل»، الذي يعدّ أكبر وأعرق المعاقل النقابية في البلاد؛ فبعد عمليات التوقيف والطرد التي طاولت عدداً من المناضلين «القاعديين»، وصل الأمر أخيراً إلى حد فصل قيادات نقابية بارزة معروفة بتوجهها اليساري، ما دفع وسائل الإعلام إلى التساؤل عما إن كان هذا إيذاناً بزمن طرد الرفاق من الاتحاد المغربي للشغل. وكانت اللجنة التأديبية للنقابة، التي تقول القيادات المفصولة إنها لم تجتمع قط على امتداد المسار النضالي الطويل للنقابة، قد أصدرت قراراً مفاجئاً بطرد عبد الحميد أمين وخديجة غامري وعبد الله لفناتسة وعبد الرزاق الإدريسي من صفوف النقابة.
ووجّهت اللجنة تهماً إلى المفصولين تتعلق بـ«التشهير بالنقابة في الفضاء العام، ما يتنافى مع مواقعهم كأعضاء في الأمانة الوطنية، وعدم الانضباط مع المقرّر التنظيمي للجنة الإدارية، والإساءة إليها بوصفها الهيكل التقريري للاتحاد». وقالت اللجنة التأديبية إنها «اتخذت قرارها بناءً على وثائق وتسجيلات وشهادات وكتابات ومراسلات إلكترونية وتصريحات تضمنت تشهيراً بالاتحاد وبعدد من مسؤوليه في الشارع العام، خلال تجمعات أمام المقر الرئيسي للنقابة في الرباط». وأضافت أن «الاتحاد لم يمنع النقابيين المفصولين من التعبير عن آرائهم، داخل هيئات النقابة وأجهزتها المنتخبة».
وفي السياق، قال مصدر مقرّب من رئيس الاتحاد المغربي للشغل، الميلودي موخاريق، إن النقابيين المفصولين «كانت لهم نيات مبيتة للإساءة إلى الاتحاد، وتفجيره من الداخل من خلال استخدام نضالات الطبقة العاملة لأغراض لا علاقة لها بمصلحة العمل النقابي».
لكن المطرودين تمسكوا بحقهم في عضوية النقابة، ونظموا وقفات احتجاجية أمام مقرها، بعدما باتوا ممنوعين من دخوله، وهم الذين قضوا فيه عقوداً طويلة من أعمارهم في النضال من أجل الاتحاد المغربي للشغل. واعتبروا قرار الطرد «باطلاً وغير قانوني». وقال بيان موقع من النقابيين الأربعة المفصولين إن «هذا القرار مفبرك وغير شرعي، لأنه لا يحق للجنة التأديبية أن تتخذ قرارات طرد بحق نقابيين قياديين بناءً على مرتكزات مهزوزة». ونفى المعنيون تهمة التشهير بالنقابة، مؤكدين بقولهم: «إننا لم نشهّر أبداً بمنظمتنا، بل ما قمنا به هو التشهير ببعض مظاهر الفساد داخل المنظمة، وهو ما نعتبره واجباً على كل مناضل غيور على النقابة ومبادئها الأصيلة».
وقد تضامن عدد من المنتمين إلى النقابة مع القياديين المطرودين عبر تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر النقابة الرئيسي في الرباط، للتعبير عن رفضهم لقرار يرون أنه «يندرج في إطار مخطط للانقلاب على النتائج الإيجابية للمؤتمر الوطني العاشر للنقابة، الذي جرى في كانون الأول 2010، ومهاجمة الأصوات اليسارية والديموقراطية داخل الاتحاد المغربي للشغل».
ودعا المعترضون على القرار «كل شرفاء المنظمة النقابية إلى التماسك والصمود في وجه تيار الميلودي موخاريق، الذي يريد تدجين العمل النقابي وإحكام سيطرته على النقابة من خلال استهداف التوجه النقابي اليساري الملتحم بقضايا الطبقة العاملة». بينما ربط آخرون بين قرار الطرد وتعاطف النقابيين المفصولين مع حركة «شباب 20 فبراير»، وفتح المقارّ الجهوية للاتحاد أمام الحراك الشبابي خلال الأشهر الماضية.
وعبّر قطاع واسع من المنتمين إلى النقابة عن تمسكهم بالجناح اليساري وشرعيته «ورفض تصفية الحسابات الهادفة إلى ضرب اليسار النقابي من قبل البيروقراطية النقابية». أما المقربون من رئيس النقابة، الميلودي موخاريق، فرأوا أن النقابيين المطرودين «يسعون إلى التلاعب بالرأي العام من خلال تحريف الحقيقة».