لا تزال المسائل المتّصلة بقدرة خطة الموفد المشترك من الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، كوفي أنان، على البدء بحلّ الأزمة السورية والشروع في فتح آفاق حل سياسي لها بعيداً عن العنف، هي عنوان التطورات السورية. ويتزامن الوصول المنتظر اليوم للوفد التحضيري للمراقبين الدوليين إلى دمشق، برئاسة النرويجي روبرت مود، مع ترجيح تبنّي مجلس الأمن، اليوم أيضاً، خطة أنان في بيان رئاسي يتوقع كثيرون أن ينال تأييد روسيا التي سبق لها أن أعلنت «دعمها الكامل لها». أما تفاصيل اتفاق أنان مع السلطات السورية على تطبيق الخطة، فلا تزال موضع تجاذُب بين المعنيين وتفسير كل طرف له. وفي حين تستعد موسكو لاستقبال رئيس الدبلوماسية السورية وليد المعلم، فإنّ وفداً من «معارضة الداخل» سيزور العاصمة الروسية أيضاً، علماً بأن الهدف المحدد من خطة أنان هو تهيئة الأجواء لفتح حوار بين المعارضة والسلطة. ونقل موقع «شام برس» عن «مسؤول سوري بارز» تأكيده أن وزارة الخارجية السورية اتفقت مع أنان «على بدء عملية انسحاب الآليات العسكرية الثقيلة بتاريخ العاشر من نيسان، وليس الانسحاب الكامل للجيش والقوات المسلحة من المدن الموجود فيها بموجب هذا التاريخ»، ذلك أن «سوريا لن تكرر الخطأ الذي ارتكب مع بعثة جامعة الدول العربية»، على حدّ تعبير المصدر.
كلام أكمله المندوب السوري الدائم في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، في حديث تلفزيوني رأى فيه أن هناك «قوى تسعى الى إفشال المبادرات الدبلوماسية التي توافق عليها الحكومة السورية لإنهاء الأزمة في داخل سوريا»، لافتاً إلى أنه «كلما تجاوبت الحكومة السورية مع مبادرة دبلوماسية ترمي إلى تخفيف التوتر وإنهاء العنف ووقف الأعمال الإجرامية، نفاجأ بوجود من يتقصّد ويتعمّد إفشال تلك المساعي».
بدورها، كشفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن توقعات بلادها إزاء خطة أنان، موضحةً أن «الهدف الرئيسي لجهود أنان يتمثل في إقناع أطراف النزاع بوقف إطلاق النار، لتبدأ بعد ذلك عملية سياسية، لأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية». وبحسب المتحدث باسم أنان، أحمد فوزي، ينتظر أن تصل إلى دمشق «بعثة التخطيط التابعة لإدارة عمليات حفظ السلام، وستتألف من 5 إلى 6 أشخاص برئاسة الضابط النروجي الميجر جنرال روبرت مود». وستكون مهمة هذه البعثة الإعداد لنشر مراقبين دوليين تتراوح التقديرات بشأن عددهم بين 200 و250 فرداً، علماً بأنه للتمكن من نشر المراقبين، سيكون من الضروري استصدار قرار من مجلس الأمن.
وسبق لمود أن قاد بعثة «هيئة مراقبة الهدنة التابعة للأمم المتحدة»، وهي عملية حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط، وذلك لمدة عامين حتى شباط 2011. ولهذه الغاية، التقى أنان بمود أمس في جنيف قبل توجه الضابط الأممي إلى سوريا للاجتماع بمسؤوليها.
وفي نيويورك، يُتوقَّع أن يصدّق مجلس الأمن على خطة أنان التي وافقت عليها سوريا. ويدعو مشروع البيان الرئاسي، الذي قد يصدر اليوم، دمشق إلى احترام مهلة العاشر من نيسان لوقف عملياتها العسكرية، والمعارضة السورية الى وقف القتال خلال الساعات الـ48 اللاحقة. كذلك ينص على أن «مجلس الأمن يطالب الحكومة السورية بأن تعمد فوراً الى تطبيق تدابير فك الارتباط العسكري التي وعدت بها (سحب القوات الحكومية من المدن المتمردة، والامتناع عن استخدام الأسلحة الثقيلة) في موعد أقصاه 10 نيسان، بناءً على موافقتها على القيام بذلك». ويشير مشروع البيان الرئاسي إلى أنه «في حال عدم وقف القتال والأعمال العدائية خلال المهل المحددة، سيدرس المجلس أي تدابير أخرى يراها ملائمة». وستتركز الأنظار في الأيام المقبلة على موسكو التي تستضيف وليد المعلم، يلي ذلك استقبال وفدين من المعارضة السورية «الداخلية». ونقلت وكالة «إيتارتاس» الروسية عن مصدر دبلوماسي في موسكو قوله إن «وزير الخارجية وليد المعلم سيزور موسكو في 10 نيسان المقبل». وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن وفدين من المعارضة السورية الداخلية سيزوران موسكو في الأيام القريبة المقبلة، أشارت معلومات إلى أن تاريخ ذلك قد يكون في 17 و18 نيسان المقبل. وقال لافروف إن «ممثلين عن المعارضة السورية الداخلية، وتحديداً من هيئة التنسيق الوطنية، سيزورون موسكو قريباً»، مضيفاً أن «مجموعة أخرى تمثل المعارضة الداخلية ستزور العاصمة الروسية بعد عدة أيام». وكان لافروف قد جزم بأن الجناح المسلح من المعارضة «لن يستطيع إلحاق الهزيمة» بقوات الرئيس بشار الأسد «حتى لو جرى تسليحه الى أقصى حدّ ممكن، ولن نشهد عندها سوى مذبحة تستمر لسنوات طويلة ودمار متبادل». كذلك جدد انتقاداته لمؤتمر «أصدقاء سوريا»، معتبراً أن الحلفاء الغربيين والعرب للمعارضة السورية «يسعون الى الحيلولة دون إجراء أي مفاوضات مع نظام الاسد».
(أ ف ب، رويترز، سانا، يو بي آي)