القاهرة | بازار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، الذي بدأ في 10 آذار الماضي، لم ينفضّ بعد كما يبدو الأمر للوهلة الأولى. فصحيح أن اللجنة أعلنت أول من أمس قائمة بالمرشحين لرئاسة الجمهورية الذين تقدموا بأوراقهم، إلاّ أنها تظل مع ذلك قائمة مبدئية قبل إعلان القائمة النهائية للمرشحين في 26 نيسان الحالي، وفقاً للجدول الزمني المعلن مسبقاً لانتخابات الرئاسة. فالجدول يتضمن تخصيص اليوم وغداً لطعون المرشحين بعضهم ضد بعض و14 و15 و16 من الشهر الحالي لتلقي التظلمات منهم على قرارات الاستبعاد من الترشح وبتّها. على كل حال، تضمنت القائمة المبدئية 23 مرشحاً، بينهم اثنان عن حزب مصر القومي، هما أحمد عوض الصعيدي ومرتضى منصور، ما يرجح شطب أحدهما، وهو نفس حال حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي اضطر إلى الدفع برئيسه محمد مرسي مرشحاً احتياطياً في حال استبعاد خيرت الشاطر. ووفقاً للقائمة، تبين أن 12 من المرشحين مدعومون من أحزابهم، وسبعة مرشحين مدعومون بتوكيلات المؤيدين، وثلاثة مدعومون بتوقيعات نواب البرلمان.
ويواجه ثلاثة من المرشحين، هم المرشح السلفي حازم صلاح أبو اسماعيل، والشاطر ورئيس حزب غد الثورة أيمن نور، احتمال استبعادهم على خلفية جنسية والدة الأول وعدم تسوية الوضع القانوني للثاني والثالث.
ومن المقرر أن تفصل محكمة القضاء الإداري اليوم في مصير الثلاثة؛ إذ تنطق بالحكم في الدعوى المقامة من حازم صلاح أبو إسماعيل ضد وزير الداخلية ورئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المستشار فاروق سلطان، التي يطالب فيها المرشح السلفي بإلزام مصلحة الجوزات والهجرة بتمكينه من الحصول على مستند يفيد عدم تجنس والدته بأي جنسية بخلاف المصرية.
كذلك، ستصدر المحكمة قرارها في الدعوى المقامة من النائب أبو العز الحريري، الذي ترشح أيضاً لرئاسة الجمهورية، والتي تطالب بحرمان خيرت الشاطر خوض سباق الانتخابات، مستنداً إلى أن الأخير ممنوع من ممارسة حقوقه السياسية والمدنية لصدور عدة أحكام ضده، منها حكم يرجع إلى عام 1995 أصدره القضاء العسكري وآخر يرجع إلى عام 2007 بالسجن سبع سنوات قبل الإفراج عنه بموجب عفو صحي في أعقاب الثورة، وهو العفو الذي تراه الدعوى عفواً جزئياً يستلزم من الشاطر أن يرد اعتباره بموجب حكم قضائي قبل أن يمكن من حقوقه السياسية. المحكمة نفسها ستفصل في شرعية ترشح أيمن نور للرئاسة نتيجة صدور حكم سابق بحرمانه حقوقه السياسية ورفض إدراجه ضمن قاعدة بيانات الناخبين.
كذلك تفصل المحكمة في مصير ترشح مدير الاستخبارات السابق عمر سليمان ورئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، على خلفية دعاوى أقامها عدد من المحامين ضد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الوزراء كمال الجنزوري، مطالبين فيها باستبعاد سليمان وشفيق من السباق الرئاسي، لفقدانهم شرط حسن السير والسمعة. وهي الدعوى التي استند مقيموها إلى أن الرئيس السابق حسني مبارك استعان بعمر سليمان في كثير من الأزمات، بخلاف تورطه في صفقة تصدير الغاز لإسرائيل، فضلاً عن محاججتهم بأن إحدى أشهر المذابح خلال الثورة والمعروفة إعلامياً بـ«موقعة الجمل» قد جرت في ظل تولي شفيق رئاسة الوزراء وسليمان منصب نائب رئيس الجمهورية.
وفي حال نجاة شفيق وسليمان من حكم القضاء الإداري، فقد يواجهان مجلس الشعب الذي أقرت لجنة الاقتراحات والشكاوى فيه أمس مشروع قانون قدمه حزب الوسط باستبعاد أركان نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك من خوض الانتخابات الرئاسية.
في غضون ذلك، دخلت جماعة الإخوان المسلمين ومدير الاستخبارات السابق في معركة كلامية يتوقع أن تشتد في المرحلة المقبلة. وفي أول تصريح له منذ إعلان ترشحه، رأى الشاطر أن قرار سليمان بخوض السباق الانتخابي إهانة للثورة المصرية، وإذا نجح فسيؤدي ذلك إلى ثورة ثانية.
في المقابل، أظهرت تصريحات الشاطر وعضو مكتب الإرشاد في الجماعة مصطفى الغنيمي، أن الجماعة ما زالت حذرة حيال المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ففيما شدد الشاطر على أنّ من الضروري تجنب الصدام مع المجلس العسكري، قائلاً: «حتى لو كانت هناك ملاحظات على أداء المجلس العسكري أو على قيادة الجيش، فلا بد من التعامل مع المسألة بشكل لا يؤدي إلى وجود صدام حقيقي مع القوات المسلحة»، أوضح الغنيمي لـ«الأخبار» أنه «ما من دليل قاطع على كونه (سليمان) مدعوماً من المجلس العسكري الذي أظنه أكثر وعياً ووطنية من أن يتورط في أمر كهذا».
من جهته، لم يوفر سليمان الإخوان المسلمين، معتبراً أنهم «فقدوا كثيراً من شعبيتهم»، فضلاً عن اتهامهم بتهديده. وقال سليمان، في مقابلة نشرتها أمس صحيفتا «الأخبار» و«الأسبوع»، «بمجرد إعلان ترشحي لرئاسة الجمهورية تلقيت على هاتفي المحمول الخاص وعبر مقربين تهديدات بالقتل ورسائل تقول (سوف نثأر منك) من عناصر ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين وإلى الجماعات الإسلامية الأخرى»، محذراً من أنه «إذا كان البعض يظن أن هذه الاتهامات يمكن أن تثنيني عن مواقفي أو عن استمرار ترشحي لرئاسة الجمهورية فهم واهمون».
كذلك تحدث سليمان، الذي أثار ترشحه ارتياحاً في الأوساط الأمنية الإسرائيلية على خلفية العلاقات التي تجمعه بالمسؤولين الإسرائيليين، عن وجود تحول «في المجتمع المصري ساعدت عليه ممارسات الإخوان المسلمين وتصرفاتهم وسعيهم إلى الاستحواذ على كل شيء وتبني خطاب غير مقبول من الجماهير»، مؤكداً أنه «سيسعى قبل أي شيء إلى «إنقاذ البلاد من الفوضى وعودة الأمن سريعاً وإعادة هيبة الدولة».