أبلغ المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية مجلس الأمن الدولي، كوفي أنان، أمس، أنه ينبغي بذل كل جهد ممكن لضمان التزام الحكومة والمعارضة في سوريا بمهلة تنتهي يوم الخميس لوقف إطلاق النار. وقال، في رسالة إلى المجلس، «ينبغي للقيادة السورية الآن انتهاز الفرصة لتغيير النهج بشكل جوهري. من الضروري أن تظهر خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة علامات على تغير فوري وواضح في الوضع العسكري للقوات الحكومية في أنحاء البلاد». واضاف أنه ينبغي للمعارضة أيضاً وقف القتال من أجل «عدم إعطاء الحكومة ذريعة لعدم تنفيذ التزاماتها». وفي وقت سابق، قال كوفي انان امس ان العنف في سوريا يجب ان يتوقف دون اية شروط مسبقة. وصرح في مؤتمر صحافي عقب زيارته مخيمات للاجئين السوريين على الحدود بين سوريا وتركيا «اناشد الحكومة السورية والاطراف السورية مرة اخرى وقف العنف طبقاً للخطة.. وأعتقد أن وقف العنف يجب ان لا يرتبط بأي شروط مسبقة».
وزار أنان مخيم يايلا داغي للاجئين السوريين في إقليم هاتاي التركي. وذكرت وكالة أنباء «الأناضول» ان أنان وصل إلى المخيم في بلدة يايلا داغي الذي يضم 27 ألف لاجئ سوري بعد جولة بالمروحية في المنطقة، وأن إجراءات أمنية مشددة اتخذت في هاتاي خلال الزيارة. وقال انان عقب الجولة ان «الجيش السوري ينسحب من بعض المناطق، ولكنه يدخل مناطق اخرى لم تكن مستهدفة في السابق». بعد تركيا، وصل انان مساء امس الى ايران ليبحث في سبل حل الأزمة السورية.
بدورها، حثت روسيا الحكومة السورية امس على العمل «بحسم أكبر» لتنفيذ خطة انان، كما دعت أيضاً الدول الاجنبية الى استخدام نفوذها لدى المعارضة السورية للضغط عليها حتى توقف اطلاق النار فوراً. كلام موسكو جاء على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري وليد المعلم الذي يزور موسكو، حيث اعلن لافروف انه تبلغ من الوزير السوري ان دمشق بدأت تطبيق الخطة التي تقضي بوقف العنف من كل الاطراف وسحب القوات والاسلحة من المدن السورية والافراج عن المعتقلين على خلفية الاحداث الجارية والسماح بدخول وسائل الاعلام. وابلغت سوريا روسيا بأن انسحاب قسم من الجيش من حمص بدأ حسب ما ذكرت وزارة الخارجية الروسية في ختام المباحثات. ودعا لافروف المسؤولين السوريين «الى الالتزام بكل واجباتهم طبقاً لخطة كوفي انان»، مضيفاً «نعتقد انه كان يجب ان تكون اعمالهم اكثر فاعلية واكثر حسماً بالنسبة الى تطبيق الخطة». وأضاف ان موسكو «لا تستطيع تجاهل الحقيقة المعروفة جيداً بأن مقترحات انان مازالت لا تلقى قبولاً من جانب عدد إن لم يكن غالبية جماعات المعارضة، بما في ذلك المجلس الوطني السوري».
وقال لافروف ان من الافضل للولايات المتحدة ودول اخرى لها نفوذ على المعارضة «الا تشير الى روسيا والصين، بل ان تستخدم نفوذها لإجبار الجميع على التوقف عن اطلاق النار على بعضهم البعض». وأعلن ان روسيا وافقت على طلب الامم المتحدة المساهمة بمراقبين لوقف اطلاق النار.
واعلن وليد المعلم، من جهته، ان بلاده قامت «بسحب بعض وحدات الجيش من بعض المحافظات تنفيذاً للبند الثالث من خطة انان. وسمحنا لأكثر من 28 محطة اعلامية بالدخول الى سوريا منذ 25 آذار اي منذ موافقة سوريا على خطة انان لغاية اليوم». وتابع «استقبلنا رئيس لجنة الصليب الاحمر الدولي ووصلنا الى تفاهمات في شأن استقبال المساعدات وايصالها الى المحتاجين بالتعاون مع الهلال الاحمر السوري. وتم الافراج عن عدد من المعتقلين بسبب احداث الشغب التي قاموا بها».
واكد المعلم «ان وقف العنف المستدام يجب ان يكون متزامناً مع وصول بعثة المراقبين الدوليين» الذين تنيط بهم خطة انان مهمة مراقبة وقف اطلاق النار.
وتابع «سنواصل خطوات حسن النية تجاه انان وسنعمل كل جهد لإنجاح المحادثات مع وفده الفني (الذي زار دمشق اخيراً) للوصول الى بروتوكول (ينظم عمل المراقبين). ونأمل ان يتمكن الامين العام للامم المتحدة من تشكيل فريق مراقبين دوليين توافق سوريا على الدول الممثلة به. ونرحب سلفاً بالمراقبين الروس».
وأوضح المعلم، من جهة ثانية، ان بلاده لم تطلب من انان «ان يوافينا بضمانات مكتوبة من الجماعات المسلحة وممن يدعمها من الاطراف الاقليمية». وقال «نحن لم نطلب من مجموعات ارهابية مسلحة تمارس القتل والخطف وأخذ الرهائن (...) ان توافينا بضمانات، نحن طلبنا من انان ان يتصل بهذه المجموعات ويوافينا» بالضمانات. وصرح المعلم أيضا بأن انان أبلغه خلال اتصال هاتفي مؤخراً ان وقف اطلاق النار سيعقبه نزع لسلاح مقاتلي المعارضة.
في المواقف الدولية، أكد البيت الابيض ان مجلس الامن الدولي سيتصرف حيال سوريا اذا استخلص المبعوث الدولي كوفي انان ان نظام دمشق لم يحترم تعهداته بوقف اطلاق النار. وصرح المتحدث باسم الرئاسة الاميركية جاي كارني للصحافيين من على متن الطائرة الرئاسية ان واشنطن ليس لديها «اي مؤشر» على تراجع العنف.
وأكدت فرنسا امس ان سوريا لم تبدأ تنفيذ خطة انان، واصفة تصريحات النظام السوري بأنها «تعبير جديد عن كذب فاضح وغير مقبول»، فيما اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انه لم تصدر عن سوريا اي مؤشرات على نيتها تنفيذ التزامها بتطبيق خطة وقف العنف في سوريا، متهماً النظام السوري بتصعيد الهجمات ضد المعارضة.
واعربت الصين الثلاثاء عن «قلقها» ازاء اطلاق النار من الجانب السوري. وأمل المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو ويمين «ان يلتزم الاطراف المعنيون بتعهدهم وقف اطلاق النار وانسحاب القوات العسكرية».
بدورها، دانت بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس الوطني السوري «قمع» النظام السوري للمدنيين والمعارضة. وقالت ان امهاله «اي يوم اضافي لم يعد مقبولاً». وحثت قضماني، في مؤتمر صحافي في جنيف، كوفي أنان على أن يبلغ مجلس الأمن بأن خطته بحاجة إلى إعادة نظر إذا لم يحدث تقدم في ما يتعلق بوقف اطلاق النار بحلول يوم الخميس. وأضافت انه ينبغي للقوى العالمية دراسة قرار «له أنياب» بموجب الفصل السابع بميثاق الأمم المتحدة يشمل حظراً للأسلحة و«يحدد إطاراً زمنياً لمزيد من الخطوات».
وقال رئيس المجلس الوطني برهان غليون، في مؤتمر صحافي في اسطنبول، «لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يتحول الى شهود زور على نظام جعل المراوغة منهج عمل».
إلى ذلك، كرر المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل بأنهم ملتزمون بوقف اطلاق النار بموجب خطة انان. وقال المتحدث العقيد المنشق قاسم سعد الدين إن المعارضين سيقاتلون الاسد اذا لم يسحب قواته ودباباته من الداخل ومن حول المدن بحلول يوم الخميس وفقاً لخطة السلام. واضاف «سننتظر 48 ساعة نكون فيها فقط في موقع دفاعي. اذا لم يوقف القصف ولم يسحب الآليات فسنصعد عملياتنا العسكرية ونقوم بعمليات هجومية». ورداً على تصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم حول تعهد انان مؤخراً أن وقف اطلاق النار سيعقبه نزع سلاح مقاتلي المعارضة، قال العقيد سعد الدين إن فريق أنان لم يتطرق الى موضوع نزع سلاح الجيش السوري الحر بعد وقف اطلاق النار خلال محادثاته مع المعارضة. أضاف «اذا استمر النظام بالقصف بالهاونات والدبابات ولم يلتزم بوقف اطلاق النار ويسحب القوات والدبابات، عندها سنعاود القتال للدفاع عن شعبنا».
(سانا، رويترز، ا ف ب، يو بي آي)