عبّر العديد من الشخصيات الإسرائيلية عن تذمرهم من نتائج الجولة الأخيرة من مفاوضات إيران مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، والتي عقدت في اسطنبول التركية السبت الماضي، فيما رفضت موسكو خلال استقبالها مسؤولاً اسرائيلياً رفيع المستوى، فرض مزيد من العقوبات على طهران.
وكان أبرز المتذمرين الاسرائيليين من نتائج مفاوضات اسطنبول النووية، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي وصف نتائج المحادثات بـ«الهدية» لإيران، وخاصة أنها منحتها «خمسة أسابيع بإمكانها مواصلة تخصيب اليورانيوم من دون حدود ولا أي رادع». وبهدف منع ايران من كسب الوقت، كرَّر نتنياهو طلبه السابق خلال استقباله السيناتور الأميركي جو ليبرمان، بضرورة مطالبة إيران بالتوقف فوراً عن التخصيب وإخراج المواد المخصبة وتفكيك المنشأة النووية في قم»، مشدداً على خطورة «منح أكبر ناشط ارهابي في العالم امكانية تطوير قنبلة نووية».
في المقابل، رد الرئيس الأميركي باراك أوباما على نتنياهو قائلاً «إن القول إننا أعطينا إيران هدية يشير إلى اننا قدمنا لها شيئاً، لكنهم في الواقع سيواجهون بعض أشد العقوبات في الأشهر القليلة المقبلة ما لم يستفيدوا من هذه المحادثات، وأرجو أن يستفيدوا».
وامتداداً لأجواء الخيبة التي سيطرت على الجهاز السياسي في تل أبيب، نقل موقع صحيفة «معاريف» عن مصادر سياسية اسرائيلية رفيعة المستوى، قولها إن ما تم التوصل اليه في مؤتمر اسطنبول كان «خلافاً للتفاهمات التي توصلنا إليها ... ولم يكن هذا ما توقعناه على الاطلاق».
وفي السياق نفسه، أورد موقع «معاريف» معلومات تؤكد قيام وفد من وزارة الخارجية الاسرائيلية برئاسة نائب الوزير، داني ايالون، بزيارة سرية لواشنطن، حيث التقى خلالها أيضاً نائب وزير الخارجية الاميركية ممثل الولايات المتحدة الى المحادثات مع إيران بوندي شيرمان. ولفت الموقع الى مشاركة عدد من كبار المسؤولين الاسرائيليين الذين يعالجون هذا الملف، في اللقاء، وأنه تم الاتفاق على ضرورة عدم وقف العقوبات المفروضة على ايران، بل على تشديدها، الى ان تتوقف عن تخصيب اليورانيوم.
ولم تقتصر أجواء الخيبة على مواقف القيادة السياسية، بل سيطرت أيضاً على تعليقات الصحف الاسرائيلية، اذ اعتبرت صحيفة «اسرائيل اليوم»، المقربة من نتنياهو، أن «مشكلة اسرائيل هي أن العالم يخشى من مهاجمة المنشآت النووية الايرانية، بنسبة ليس أقل من القنبلة النووية الإيرانية نفسها». بدورها، اعتبرت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو ينظر الى تجميد التهديد الإيراني بأنه «نصر مؤلم»، انطلاقاً من أن الدول العظمى ستتفرغ في أعقاب ذلك لعلاج أزمات أخرى في الشرق الأوسط، ومنها بالطبع الاحتلال الإسرائيلي ومظالمه. كما أن الجمهور الاسرائيلي في ظل عدم الخوف من القنبلة الايرانية سيوجه اهتمامه نحو الديموغرافية والديموقراطية في بلده.
من جهة أخرى، ربط رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس، بين محرقة اليهود، خلال فترة الحكم النازي، بالبرنامج النووي الايراني، لكنه اضاف ان العنصر المختلف بشكل جوهري اليوم هو «ان الجيش قادر على مواجهة كل شيء». وقال غانتس، خلال يوم دراسي عقده لكبار ضباط الجيش في متحف «يد فَشيم» لتخليد ذكرى المحرقة في القدس المحتلة، إن «المحرقة هي الفترة الأكثر ظلاماً في تاريخ البشرية واليهودية، لكن يحظر علينا أن ننسى أنه كان قبلها وبعدها من سعوا إلى محو نسل يعقوب عن وجه الأرض». وأضاف «لقد جاؤوا من أماكن مختلفة، لكنهم موجودون حولنا اليوم أيضاً»، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين إيرانيين وخصوصاً الرئيس محمود أحمدي نجاد حول «محو إسرائيل عن الخريطة».
وفي موسكو، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن وزير الخارجية سيرغي لافروف، ناقش المسألة الايرانية مع مدير مجلس الأمن القومي الاسرائيلي الزائر ياكوف أميدرور، وحذر من فرض مزيد من العقوبات على طهران. وانتقد «اي محاولات خطيرة وغير مفيدة لاستخدام التقارير عن التقدم في التكنولوجيا النووية الايرانية لتصعيد التوتر بشأن ايران بشكل مصطنع وخلق مبرر لممارسة مزيد من الضغوط».