لم تجد السلطة الفلسطينية سبيلاً لمحاولة إعادة الاهتمام بعملية التسوية على المسار الفلسطيني، إلا بتوجيه الرسائل إلى الطرف ــ المشكلة، الذي تحوّلت إجراء المفاوضات معه إلى هدف قائم بذاته، بعيداً عمّا يتمخّض عنها من نتائج. وبدلاً من أن يتحول اللقاء إلى عنصر ضاغط على الطرف الإسرائيلي، بدا اللقاء بين الوفد الفلسطيني ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أنه مصدر طمأنة للأخير بأنه حتى لو واصل سياسته الحالية، فلن يكون هناك حلّ للسلطة الفلسطينية، ولن يكون هناك أي خلل في التنسيق الأمني بين الطرفين في مواجهة فصائل المقاومة الساعية إلى استهداف المستوطنين وجنود الجيش المحتل للضفة الغربية. وقد سلّم مسؤولان فلسطينيان رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لنتنياهو، تضمنت مطالبة الحكومة العبرية بالقبول بمبدأ الدولتين على حدود عام 1967، مع «تبادل طفيف للأراضي بالقيمة والمثل»، وتجميد الاستيطان والإفراج عن الأسرى، وخصوصاً الذين اعتُقلوا قبل اتفاقية أوسلو عام 1993. وبحسب تقارير إعلامية، لم يشارك رئيس الحكومة سلام فياض في الوفد الذي اقتصر على كبير المفاوضين في منظمة التحرير، صائب عريقات، ومدير الاستخبارات الفلسطينية العامة، اللواء ماجد فرج.
وكانت مصادر في مكتب نتنياهو قد كشفت أن الأخير سيشدّد أمام الوفد الفلسطيني، على أنه معني بأن يلتقي في أقرب وقت ممكن الرئيس عباس شخصياً، على أن يحدِّد الطرفان خلال اللقاء موعداً للقاء آخر في رام الله، لينقل مبعوث رئيس الوزراء، إسحاق مولخو، رداً على رسالة أبو مازن، تتضمن مواقف «بيبي» في موضوع حدود الدولة الفلسطينية والترتيبات الأمنية التي ستطلبها تل أبيب في إطار التسوية الدائمة.
رغم ذلك، نقلت تقارير إسرائيلية عن مكتب رئيس الوزراء، تأكيد عدم وجود توقعات من اللقاء مع الوفد الفلسطيني، وجزماً بأن مستشاري نتنياهو رفضوا الكشف عن أي تفاصيل عن اللقاء، بما في ذلك موعد عقده ومكانه.
وفي الوقت الذي تحوّل فيه عقد اللقاء إلى حدث تتجاذبه التقديرات بشأن أصل حدوثه من عدمه، والمفاعيل التي يمكن أن يتركها، كان وزير الدفاع إيهود باراك يرى أن مشاركة فياض، التي لم تحصل، في هذه الاجتماعات، أمر إيجابي، لكونه الشخص الذي «يقود الأمور العملية وبناء المؤسسات في الدولة الفلسطينية». وعبَّر باراك عن أمله بزوال التحفظات التي يحملها فياض، «ونحن موقفنا معروف مسبقاً». وكرّر باراك موقف حكومته بإجراء مفاوضات «من دون شروط مسبقة»، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال ماضية «في حل الدولتين للشعبين، حتى تكون إسرائيل آمنة وقوية، إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة، وحتى هذه اللحظة فشلت جميع الجهود لإحضار الفلسطينيين إلى مائدة المفاوضات بلا شروط مسبقة». وفي محاولة لرمي الكرة في الملعب الفلسطيني، جدد وزير الدفاع ثوابت السياسة الإسرائيلية، إذ وصف «التصرفات الفلسطينية بشأن بدء المفاوضات بشروط مسبقة أو بدونها، غير متناسقة، ومن الصعب جداً أن نتكهن بشأن سبب تلك التصرفات الفلسطينية». ولفت باراك إلى أن «حماس» هي «مشكلة غير بسيطة»، وخلص إلى أن ما يهم حكومته هو أن «سلطة فتح في رام الله، وما ستقوم به من تصرفات ومفاوضات واتفاقات، يجب أن يُطبَّق على حركة حماس، وهذا أمر ليس سهلاً ولا بسيطاً».