ساد أمس هدوء حذر على جانبي الحدود بين السودان وجنوب السودان، في وقتٍ تمسك فيه طرفا النزاع بموقفيهما من الأزمة التي اشتعلت في اعقاب احتلال قوات جيش جنوب السودان لمنطقة هجليج النفطية. وأكد الناطق باسم جيش جنوب السودان، فيليب أقوير، أن «الوضع عند الحدود لا يزال هشاً وشديد التوتر»، محذراً في الوقت نفسه من أن جنوب السودان مصمم على دحر أي هجوم على منطقة هجليج. وأوضح أن «الجيش الشعبي لتحرير السودان ينتظرهم خارج هجليج».
من جهةٍ ثانية، جزم أقوير في اتصال هاتفي مع شبكة «سي أن أن» العربية بأن حكومة جنوب السودان لن تنسحب من هجليج، مؤكداً أنها منطقة جنوبية «تاريخا وشعباً». كذلك نفى ما تناقلته وسائل إعلام سودانية عن تدمير الجيش السوداني لآليات عسكرية تابعة للجيش الشعبي، تشمل أسلحة أميركية وإسرائيلية متطورة، واصفاً هذه التسريبات بأنها «مسرحية كلاسيكية خيالية يتم اخراجها بواسطة الجيش السوداني على أسوأ صورة».
وفي السياق، أفاد جيش جنوب السودان بأنه أسقط طائرة عسكرية سودانية بولاية الوحدة النفطية قرب هجليج في حين نفت السلطات السودانية الأمر.
من جهتها، أكدت السلطات السودانية أن تكلفة الدخول في صراع شامل مع جنوب السودان لن تمنعها من استعادة السيطرة على هجليج. وقال السفير السوداني لدى كينيا، كمال اسماعيل سعيد، «على الرغم من التكلفة المرتفعة للحرب وعلى الرغم من الدمار الذي يمكن أن تحدثه، فإن خياراتنا محدودة للغاية. يمكننا تحمل بعض التضحيات حتى نتمكن من تحرير أرضنا».
ووجه حديثه إلى قوات جيش جنوب السودان قائلاً «أمامهم خياران، إما أن ينسحبوا بسرعة كبيرة أو ينسحبوا. سنحتفظ بحق استخدام جميع الوسائل المتاحة لطردهم من هناك وسنفعل ذلك»، جازماً بأنه «سيجري طردهم من هناك سريعاً جداً». وأضاف «خضنا حرباً بدون نفط لعدة سنوات وبقينا قادرين على تسيير أمورنا».
من جهته، حمّل مساعد الرئيس السوداني، نافع علي نافع، الجيش الشعبي وحركات دارفور المسؤولية عن تدمير منشآت النفط في هجليج، متهماً الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها تقود مؤامرة لتحقيق هدف اللوبيات الغربية لخلق جنوب جديد فى ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق يكون منصة للعدوان على الشمال.
وأوضح نافع أن الحركة الشعبية لا تستطيع البقاء فى هجليج وتبحث الآن عن مخرج، لافتاً إلى أن المعركة الآن معركة اقتصادية. وجاءت تصريحات نافع الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس المؤتمر الوطني، بعد يوم من شنه هجوماً على حزبي المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي والشيوعي متهماً إياهما بالتواطؤ مع حكومة الجنوب والتخابر لصالحها.
في المقابل، امتدح نافع موقف حزب الأمة القومي من الهجوم على هجليج، وقال إن ادانته تعبر عن موقف إستراتيجي وأصيل، فيما جدد رئيس الحزب الصادق المهدي أمس «تأييده للقوات المسلحة»، مؤكداً «أن لغة الحرب لن تجلب لدولة الجنوب الأمن والسلام وأن المطلوب هو الحوار، داعياً الجنوب إلى سحب جيشه دون أية شروط من هجليج».
في الأثناء، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، حكومة السودان إلى وقف القصف الجوي لأراضي جنوب السودان على الفور. كما دعا أيضاً حكومة جنوب السودان إلى الانسحاب الفوري من بلدة هجليج، واستخدام الأدوات القانونية والدبلوماسية لمعالجة حججها الخاصة بوضع البلدة. كما عبر الامين العام للامم المتحدة في بيان عن انزعاجه بشأن تقارير تتحدث عن حشد ميليشيات مسلحة في منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، واصفاً الخطوة بأنها تنتهك اتفاقية حزيران التي ذكر الجانبان فيها أنهما سيسحبان قواتهما من المنطقة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)