الجزائر | تُوِّجَت زيارة رئيس المجلس الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل للجزائر يومَي الأحد والاثنين الماضيَين، ببيان مشترَك سجّل المسائل التي جرى الاتفاق حولها، وأشار إلى استكمال المشاورات على مستوى الوفود والبعثات والهيئات المختلَطة. ومن أهم ما صدر عن مباحثات وفدَي البلدين، خريطة طريق لتطوير وتوسيع التعاون وقّعها عن الجانب الجزائري الوزير المنتدَب للشؤون المغاربية والأفريقية عبد القادر مساهل، وعن الطرف الليبي وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي محمد أمحمد عبد العزيز.
وقد كُلِّف المسؤولان بمتابعة تطبيق «خريطة الطريق» بدءاً بتاريخ توقيعها من أجل «تجديد العلاقات القائمة بين البلدين منذ عام 1969 وإعادة تكييفها».
كذلك تقرّر «استئناف العمل بالآليات التي تحكم التعاون الثنائي بين البلدين، بدءاً باجتماع لجنة المتابعة بهدف إجراء تقييم شامل للعلاقات الثنائية في مختلف مجالات التعاون، وتحديد الأولويات ووضع خطة عمل وأهداف أساسية».
وجرى الاتفاق ايضاً على «تشكيل لجنة سياسية بين البلدين تُعنى بالمشاورات حول القضايا الأمنية، والقضايا المتعلقة بالجوار ومنطقة الساحل وكذلك التنسيق بين البلدين على مستوى الهيئات الدولية». والتزمت الجزائر بتقديم دعم هام لليبيا في ما يتعلق بتدريب أجهزة الأمن المختلفة عبر دورات في ليبيا والجزائر.
وعلى الصعيدَين السياسي والأمني، اتفق الطرفان على العمل المشترك الدائم بينهما، والتزمت الجزائر بعدم السماح لأي قوة معارضة للنظام الجديد في طرابلس بالنشاط على أرضها، لكنها جددت عدم استعدادها لتسليم عائلة القذافي وأتباعه الذين لجأوا إليها، على اعتبار أنهم «ضيوف لدواع انسانية ولا يمكن بأية حال من الاحوال أن يصدر عنهم ما يناوئ ليبيا ما داموا على أرض الجزائر».
في المقابل، التزم الوفد الليبي بتكثيف الرقابة على حدوده المشتركة مع الجزائر، والبالغ طولها قرابة ألف كيلومتر، لمنع وصول السلاح إلى جنوب الجزائر لتصل إلى الجماعات المتشددة في شمال مالي.
وفي السياق، بحث بوتفليقة وعبد الجليل الوضع المتدهور في مالي، وخصوصاً إثر اعلان «الأزواد» قيام دولتهم في شمال البلاد، وانعكاسات ذلك على المنطقة على قاعدة أنّ إعلان هذه الدولة يهدّد وحدتهما الترابية. فالجزائر وليبيا تشتركان في الانتماء، ليس إلى المغرب العربي فحسب، لكن أيضاً إلى المنطقة الملتهبة للساحل الأفريقي، إذ تعيش في كل منهما أقليات من شعب الطوارق على أراضٍ شاسعة. و«دولة الازواد» المنشودة بالنسبة لهذا الشعب، تجمع الشتات الموزَّع على سبع دول في المنطقة، وهو وضع يشبه كثيراً وضع الأكراد في غرب آسيا.
وسيدفع هذا «الهم المشترك»، بحسب المراقبين، البلدَين إلى بذل قصارى جهدهما المشترك إقليمياً ودولياً لإجهاض محاولة إقامة هذه الدولة، وإن اقتضى الأمر استخدام القوة مع مَن أعلنوها.
وفي ختام الزيارة، أعرب عبد الجليل عن اهتمامه باستمرار التنسيق لتطوير التعاون وإنعاش «اتحاد المغرب العربي»، والتشاور لوحدة الموقف في المحافل الدولية.
أما في شكل الزيارة، فقد كانت بمستوى زيارات الدولة للرؤساء المقربين جداً، بدءاً بالمحادثات التي وصفها الطرفان بـ«المثمرة والمكثفة»، وصولاً إلى وضع الرئيس الضيف إكليلاً من الورد على النصب التذكاري لشهداء ثورة الجزائر في «مقام الشهيد»، مروراً بالجوانب البروتوكولية والاحتفالية ومأدبة الغداء الرسمية التي أُقيمَت على شرف عبد الجليل ومرافقيه، وهي التي كانت فرصة للقاء كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين الجزائريين، والتعرُّف إلى نظرائهم في النظام الليبي الجديد.
وبدا الطرفان منسجمين كما لو لم يكن بينهما أي خلاف خلال الأحداث التي شهدتها ليبيا.