القاهرة | صخب وضجيج وتهديدات ووعيد واعتصامات ومليونيات. هذه هي حال المصريين. فرغم أن المدة المحددة لكتابة دستور جديد وانتخاب رئيس للبلاد وإنهاء الفترة الانتقالية لم يبقَ منها أكثر من 60 يوماً، لا يزال المصريون يحتاجون إلى النزول إلى ميدان التحرير في مليونيات لتحقيق أهداف ثورتهم ومطالبة المجلس العسكري بتسليم سلطاته.
وعقدت مجموعة من الأحزاب والحركات السياسية مؤتمراً صحافياً أمس للإعلان عن القوى المشاركة في مليونية الجمعة، المعروفة بجمعة «حسم المصير» أو التسليم الحقيقي للسلطة تحت شعار «يسقط حكم العسكر وفلوله» و«لا دستور تحت حكم العسكر». المؤتمر حضره 34 حزباً وحركة سياسية أبرزها: ائتلاف شباب الثورة، الاشتراكيون الثوريون، شباب 6 أبريل الجبهة الديموقراطية، والجمعية الوطنية للتغيير. ودعا المؤتمرون الشعب المصري إلى النزول لكافة الميادين للتظاهر يوم الجمعة المقبل وفاءً لدماء الشهداء وللمطالبة بإصدار قانون إنشاء محاكم ثورية للقصاص من قتلة الشهداء ومحاسبة أركان النظام السابق وعدم الاكتفاء بعزلهم سياسياً، فضلاً عن إلغاء حالة الطوارئ إلغاءً كاملاً وفورياً وإعادة محاكمة المحاكمين عسكرياً أمام القضاء المدني. ومن بين المطالب أيضاًَ إلغاء المادة الـ 28 من الإعلان الدستوري وإلغاء المادة التي تتيح للمجلس العسكري حق الاعتراض على القوانين الصادرة عن مجلس الشعب.
في هذه الأثناء، لا يزال المرشحون المستبعدون من الترشح لرئاسة مصر يبكون على اللبن المسكوب. ورغم أن قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية باستبعاد 10 من المرشحين للرئاسة نهائي لا يمكن الطعن به، إلا أن مرشحي الرئاسة المستبعدين رفضوا الامتثال لها وأعلنوا الحرب على اللجنة وأعضائها.
مرشح جماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، رأى أن إقدام اللجنة على إقصائه من سباق الرئاسة هو خطأ، بل سقطة قانونية لا تغتفر. وقال، في مؤتمر صحافي عقده خصيصاً للرد على قرار استبعاده، إن جماعة «الإخوان المسلمين ستنزل إلى ميدان التحرير يوم الجمعة؛ لأن الثورة لم تكتمل وهي الآن في خطر»، مشيراً إلى أن نظام مبارك لم يرحل، بل لا يزال مسيطراً. كذلك أكد أن استبعاده «هو مؤامرة من المجلس العسكري الذي ليس لديه نيه حقيقية لتسليم السلطة ويبحث عن سلطة يحركها من خلف الستار».
موقف المرشح المستبعد أيضاً حازم صلاح أبو إسماعيل لم يختلف كثيراً عن الشاطر؛ فلا يزال أنصاره يعتصمون أمام اللجنة العليا للانتخابات لليوم الثالث كما أمرهم أبو إسماعيل، في الوقت الذي دخل عدد آخر من أنصاره في اعتصام مفتوح في ميدان التحرير تأييداً لمطالب القوى والائتلافات السياسية الداعية إلى مليونية الجمعة، ولا سيما تعديل المادة 28 من الإعلان الدستوري، التي تحصن قرارات اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة من الطعن عليها، وهو ما حرم أبو إسماعيل الطعن في قرار استبعاده.
أما رئيس حزب «غد الثورة»، أيمن نور، فعلق على قرار استبعاده قائلاً: «ظل مبارك لا يزال مسيطراً على المشهد»، لافتاً إلى أن اللجنة وقعت في خطأ في تفسير القانون ووقعت في خطأ في حق الدستور.
في المقابل، حرص المرشحون الباقون في السباق الرئاسي على عدم تضييع الوقت، فقام عمرو موسى بعرض برنامجه الانتخابي من منطقة فقيرة في وسط القاهرة تسمى «عزبة الهجانة». وانقسم برنامج موسى إلى قسمين: الأول يختص بالمئة يوم الأولى، وهو البرنامج القصير المدة، والثاني يختص بباقي المدة الرئاسية.
من جهته، أكد المرشح الرئاسي الإسلامي، سليم العوا، خلال مؤتمر جماهيري في إحدى محافظات الصعيد جنوب مصر، أنه لا يمانع اتفاق الهيئات والقوى الإسلامية على مرشح إسلامي واحد، مضيفاً: «سأكون أول المتنازلين»، لكنه لم يذكر المرشح المحسوب على حزب الوسط، أياً من المرشحين الإسلاميين قد يتنازل له، سواء محمد مرسي ممثل جماعة الإخوان المسلمين أو عبد المنعم أبو الفتوح المعبر عن التيار الإسلامي المعتدل صاحب العلاقات الطيبة بالليبراليين والقوى المدنية.
أما المرشح الرئاسي أحمد شفيق، أحد أبرز المستفيدين من إقصاء نائب رئيس الجمهورية السابق عمر سليمان من الترشح للرئاسة، فأكد استحالة انسحابه من سباق الرئاسة أو تنازله لأي من المرشحين تحت أي ظرف.
في هذه الأثناء، وافق مجلس الشعب أمس بصفة مبدئية على اقتراح مشروع قانون بالعفو الشامل عن الجرائم السياسية يشمل الذين عارضوا نظام مبارك وسجنوا لرفضهم سياسات مبارك ورموز حكمه ولفق لهم قضايا منذ تولي الرئيس المخلوع رئاسة مصر عام 1981 وحتى سقوطه في 11 شباط 2011. إلى ذلك، لم يحسم البرلمان أمر تأسيسية الدستور وهو ما دعا رئيس مجلس الشعب محمد الكتاتني إلى تكليف اللجنة الدستورية والتشريعية بإعداد مشروع لمعايير انتخابات الجمعية التأسيسية يتفادى العيوب التي شابت الجمعية التأسيسية فى وضعها السابق.