بدأت «أيام الغضب» التي توعّد بها البحرينيون المعارضون ضدّ استضافة المملكة الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباق «الفورمولا 1»، باكراً. وفيما استمرّت التظاهرات الحاشدة في عدد من قرى المنامة وشوارعها، سُجِّل إضراب لعدد كبير من المحال التجارية، إما خوفاً من تصعيد أمني، أو اعتراضاً على استضافة السباق. بموازاة ذلك، سُجّل أول انسحاب لأعضاء من أحد الفرق المشاركة، وهو ما يطرح علامات استفهام حول مصير الحدث الرياضي الذي يبدأ اليوم وينتهي بعد غد.
وقد تصاعدت وتيرة التظاهرات ضد تنظيم السباق، إذ شهدت غالبية القرى المحيطة بالمنامة مساء الاربعاء وحتى فجر الخميس (أمس)، مواجهات بين قوات الأمن والمحتجين، بدعوة من «ائتلاف شباب 14 فبراير» الذين توعّدوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتصعيد تحركهم خلال يومي التجارب الحرة والرسمية اليوم وغداً وبعد غد. وذكر شهود عيان أن مئات المتظاهرين نزلوا عند مداخل القرى رافعين شعارات «كلا لفورمولا الدم»، و«نريد الحرية وليس الفورمولا». وكعادتها، عمدت قوات الأمن إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين، الذين ردّوا بقنابل المولوتوف والحجارة. وبحسب الشاهد محمد جاسم، فإنّ قرية السنابس (القريبة من المنامة) شهدت مواجهات حامية بين متظاهرين وقوات الامن، التي أطلقت عدة طلقات نارية لتفريقهم. وذكر جاسم أن الفرق الطبية الأهلية عكفت على معالجة عشرات الجرحى في المنازل «خشية اعتقالهم في حال توجههم للعلاج في المستشفيات».
وتأتي تحركات «ائتلاف شباب 14 فبراير» بموازاة تظاهرات أخرى تنظمها جمعية «الوفاق»، أكبر تنظيمات المعارضة، طوال هذا الاسبوع تحت شعار «أسبوع الصمود والتحدي» لـ«إسماع الصوت المطالب بالديموقراطية وإنهاء الديكتاتورية». كل ذلك رغم أن «الوفاق» لم تعارض رسمياً استضافة «الفورمولا 1».
وقد يكون التطور الأبرز المتصل بحيثيات استضافة السباق من عدمه، هو ما حصل مع فريق «فورس انديا» المنافس في البطولة، إذ طلب اثنان من أعضائه مغادرة البحرين خوفاً على سلامتهما، على خلفية إلقاء قنبلة حارقة على فريقهما، وذلك أثناء مواجهات بين قوات الشرطة والمحتجين، من دون تسجيل أي إصابة في صفوف الفريق البريطاني. وعقب الحادث، أكد منظمو السباق أن الأمن في البلاد «مستتب قبيل وأثناء» الاستحقاق، في محاولة لطمأنة المخاوف الأمنية. وحذا مسؤولو الحلبة حذو السلطات الرسمية في التعامل مع الحركة المعارِضة، إذ أصدروا بياناً جاء فيه أنّ «الحادث فردي ويتعلق ببضعة متظاهرين مخالفين للقانون تصرفوا بعنف تجاه قوات الشرطة، وليس موجهاً الى أعضاء الفريق». وفي السياق، شدّدت إدارة الحلبة على ثقتها في قدرة السلطات المحلية على التعامل مع أي أحداث من هذا القبيل، واتخاذها كافة التدابير المطلوبة حول الحلبة لتوفير المستوى الامني المطلوب. الاستنفار الأمني طاول وزارة الداخلية البحرينية، التي اعترفت بأنّ قواتها اعتقلت «مثيري أعمال الشغب والتخريب بعد خروجهم في مسيرات وتجمعات غير قانونية عطلت المصالح العامة والخاصة». ورغم أن السلطات البحرينية كثفت التدابير الامنية عند مداخل القرى وفي الشوارع الرئيسية لمنع محاولات قطع الطرق، إلا أن وكالة «أسوشييتد برس» نقلت عن مصادرها أن حالة إضراب كبير شهدتها العاصمة البحرينية على صعيد المحال التجارية، وهو ما أثّر وقد يؤثّر على الهدف التجاري ــ السياحي من استضافة الـ«فورمولا 1».
ودخل زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر على خط المعترضين على إقامة السباق، داعياً الرياضيين «الشرفاء» إلى مقاطعته «ومساندة الشعب البحريني من خلال رفع صوتهم ضد هذا العمل اللا انساني». وحذّر الصدر من أن «اقامة ذلك السباق في تلك الدولة اعانة على الظلم والقتل وفيه تعدٍّ على الشعب وكلمته وحريته».
(أب، أ ف ب، رويترز)