واصل فريق المراقبين الدوليين جولاته في سوريا أمس، تمهيداً لمهمة بعثة المراقبين الموسعة التي أقرها مجلس الأمن، فيما شدد الاتحاد الأوروبي عقوباته على النظام، في محاولة «رمزية» لاستهداف شخص الرئيس السوري بشار الأسد وأفراد عائلته. وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية ، لين باسكو، خلال مناقشة مفتوحة عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن الدولي، إن «من الضروري أن تنفذ حكومة سوريا بصورة تامة وفورية التزاماتها بوقف استخدام الأسلحة الثقيلة وسحب القوات العسكرية من المراكز السكانية».
وأعلن مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة إدواردو دل بوي أن انتشار المراقبين الدوليين الـ300 المكلفين السهر على وقف إطلاق النار في سوريا سيبدأ الأسبوع المقبل. وأضاف: «القرار اتخذ (و) انتشار بعثة المراقبة سيجري على مراحل». وزار أعضاء في فريق المراقبين الدوليين أمس ريف دمشق، ومدينة حمص، ومدينة حلب، بحسب مصادر مختلفة.
وبثّ ناشطون مناهضون للنظام أشرطة فيديو عدة على الإنترنت لتظاهرة حاشدة مناهضة للنظام لاقت أربعة مراقبين بدوا وهم يسيرون بصمت بين الناس في مدينة دوما في ريف دمشق بقبعاتهم الزرقاء. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن فريق المراقبين استمع إلى «آراء المواطنين» في دوما. وكان المسؤول في وفد المراقبين المصغر، نيراج سينغ، قد ذكر في وقت سابق أن المراقبين زاروا أيضاً مدينة الزبداني في ريف دمشق.
وذكر ناشطون أن المراقبين قاموا بزيارة سريعة للزبداني لم تتجاوز نصف الساعة، و«رفضوا مرافقة الناشطين إلى مكان خبأ فيه النظام الدبابات خارج المدينة».
وكان سينغ قد أفاد في وقت سابق بأن «فريق القبعات الزرق سيزور مناطق قريبة من دمشق». وأوردت سانا أن «وفد المراقبين الدوليين زار حي الوعر في مدينة حمص والتقى الأهالي». وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من جهته، أن «مراقبين وصلوا إلى مدينة الباب في ريف حلب». في لوكسمبورغ، قرر الاتحاد الأوروبي حظر صادرات المواد الفاخرة إلى سوريا. وقام وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في لوكسمبورغ أيضاً بفرض قيود إضافية على صادرات المواد التي يمكن أن تستخدم لقمع المتظاهرين في الداخل.
وسيتعين على الاتحاد الأوروبي تحديد نطاق تطبيق الإجراء المتعلق بالمواد الفاخرة، الذي يندرج ضمن المجموعة الـ14 للعقوبات الأوروبية على النظام السوري. إلا أنهم أرادوا إعلان ذلك على الفور، بالنظر إلى تطور الوضع في سوريا.
ورأت موسكو هذه العقوبات «غير مقبولة»، وأنه «لن يمكن توقع تطورات الوضع الذي سيشهد تدهوراً متزادياً» نتيجة لذلك. إلا أن الاتحاد الأوروبي يرى على العكس أنه بسبب عدم تحسن الوضع على الأرض «لا بد من مواصلة تصعيد الضغوط على النظام»، بحسب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ.
إلا أن وزير خارجية النمسا، مايكل سبيندليغر، اعتبر أمام صحافيين أن خطة موفد الأمم كوفي أنان تمثّل «منعطفاً» وأنها «فرصة إيجابية جداً لا بد من استغلالها». وصرح نظيره السويدي كارل بيلد بأن «خطة أنان هي السبيل الوحيدة للمضي قدماً».
ويفكر الاتحاد الاوروبي في تقديم وسائل لوجستية لبعثة المراقبين الـ300 التي تعتزم الأمم المتحدة إرسالها إلى سوريا لتعزيز مهمة الفريق التمهيدي الحالي.
وبالتزامن مع العقوبات الأوروبية، شددت سويسرا إجراءاتها بحق النظام السوري وفرضت عقوبات على والدة الرئيس السوري، أنيسة الاسد، وزوجته أسماء وعدد من أعضاء الحكومة، حسبما أعلنت سكرتاريا الدولة لشؤون الاقتصاد أمس. وتشمل القائمة الجديدة للأشخاص الذين تشملهم عقوبات سويسرا بشرى الأسد شقيقة الرئيس، ومنال الأسد زوجة شقيقه الأصغر ماهر. وباتت «القائمة السوداء» لسويسرا تتضمن أسماء 127 شخصاً و40 مؤسسة وهيئة. ولم يعد بإمكان الأشخاص الواردة أسماؤهم على القائمة الوصول إلى موجوداتهم في سويسرا، وبات محظوراً عليهم الدخول إلى أراضيها. في دمشق، أكد وزير الداخلية السوري محمد الشعار أن بلاده ستستعيد أمنها واستقرارها، وستخرج «أقوى» من الأزمة التي تتعرض لها منذ أكثر من 14 شهراً. وأعلن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، من جهته، أن الحوار الوطني هو السبيل «الوحيدة» للخروج من الأزمة في سوريا، مجدداً التزام بلاده «التام» خطة أنان.
ومن القاهرة، قال رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون، عقب اجتماع مع وزير الخارجية محمد كامل عمرو، إن الدعم الإيراني والغطاء الروسي هما اللذان مكّنا النظام السوري من الاستمرار في العنف، مؤكداً أن «الإيرانيين يعتبرون المعركة في دمشق معركتهم».
وصرّح غليون للصحافيين بأنه ناقش مع وزير الخارجية المصري «توحيد المعارضة في الداخل والخارج. وقال غليون إن المجلس الوطني السوري لديه الآن مكتب في مصر، و«لكنه سيتخذ صورة أكثر رسمية» قريباً. من جانبه، أكد الوزير المصري «حتمية قيام المعارضة السورية بتوحيد صفوفها».
من جهة أخرى، أعلن سفير الكويت لدى الجامعة العربية، محمد الغنيم، أن الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، وعدداً من وزراء الخارجية العرب أجروا «مشاورات هاتفية مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الصباح رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية للتنسيق في القضايا المطروحة» على الاجتماع غير العادي لوزراء الخارجية العرب الذي سيعقد الخميس المقبل في القاهرة.
وأوضح الغنيم أن الوزراء العرب سيناقشون ثلاثة ملفات، هي: «تطورات الوضع فى سوريا، الأزمة بين شمال السودان وجنوبه، إضافة إلى تداعيات زيارة الرئيس الإيرانى أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية».
دولياً، دانت فرنسا توجيه التهم في سوريا إلى المدونة رزان غزاوي وسبعة ناشطين آخرين في مجال حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن مثولهم السبت أمام محكمة عسكرية في دمشق «غير مقبول»، كما أعلنت وزارة الخارجية الاثنين.
أمنياً، أعلن السفیر الإيراني لدی تركیا بهمن حسین بور أن إيرانيين اثنین مختطفین في سوریا أطلقت سراحهما المعارضة السوریة.
ميدانياً، قتل 28 شخصاً في مدينة حماة في وسط سوريا أمس، في إطلاق نار، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد في بيان إنه «ارتفع إلى 28 عدد الشهداء الذين سقطوا في إطلاق النار من القوات النظامية السورية في حي الأربعين ومشاع الأربعين في مدينة حماة». وبذلك تصل حصيلة القتلى في أعمال عنف في سوريا أمس إلى 34. وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من جهتها أن «مجموعة إرهابية مسلحة» اغتالت أمس ضابطاً برتبة عقيد وصف ضابط برتبة مساعد في مدينة حماة»، وطبيباً في مدينة درعا وضابطاً برتبة مقدم في بلدة المسمية التابعة لمدينة الصنمين في المحافظة.
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي أي)