تأكيداً لإعادة فرض القوات السودانية سيطرتها على منطقة هجليج التي احتلها جنوب السودان في العاشر من الشهر الحالي، قام الرئيس السوداني، عمر البشير، أمس، بزيارة تفقدية للمنطقة، جدد خلالها رفضه التفاض مع جوبا، متجاهلاً النداءات الدولية الملحة للعودة إلى طاولة المحادثات. وشدد البشير على أنه «لا تفاوض مع هؤلاء»، في إشارة إلى حكومة جنوب السودان التي كان قد وصفها بـ«الحشرة» الأسبوع الماضي. وأضاف: «هؤلاء الناس لا يفهمون، ونحن نريد أن يكون هذا الدرس الأخير وسنفهمهم بالقوة»، مؤكداً أن «العداء ليس مع المواطن الجنوبي، لكن مع الحركة الشعبية التي أساءت إلى العلاقات التاريخية بين الشعبين». وفي السياق، جدد البشير القول: «سنقاتلهم حتى يتحرر المواطن الجنوبي من الحركة الشعبية». وحديث البشير عن إفهام «حكومة الجنوب بالقوة» تزامن مع إعلان المدير المساعد للاستخبارات في جنوب السودان، ماك بول، عن تعرض مدينة بنتيو الحدودية في جنوب السودان وكبرى مدن ولاية الوحدة النفطية، لقصف من طائرات حربية سودانية، ما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى على الأقل، بينهم طفل.
ووفقاً لبول، أسقطت طائرتان سودانيتان أربع قنابل على المنطقة، مستهدفةً جسراً استراتيجياً يربط بين بنتيو وبلدة روبكونا المجاورة، فضلاً عن أحد الأسواق. وعدّ بول ما جرى «تصعيداً خطيراً وانتهاكاً لأراضي جنوب السودان»، مشيراً إلى أنه «استفزاز واضح».
على المقلب الآخر، نفى المتحدث باسم الجيش السوداني، الصوارمي خالد، قصف بنتيو، مضيفاً: «نحن لا علاقة لنا بما يدور في ولاية الوحدة بجنوب السودان. ولم نقصف أي منطقة في جنوب السودان».
من جهته، أعلن قائد القوات السودانية في هجليج كمال معروف، أمس، أن قرابة 1200 جندي جنوب سوداني قتلوا في المواجهات، من دون أن يعطي حصيلة للخسائر في صفوف قواته، في تضارب واضح مع الرقم الذي أعلنته الخرطوم، أول من أمس، وتحدثت فيه عن سقوط 400 قتيل بين صفوف قوات جنوب السودان.
في هذه الأثناء، أكد مراسل وكالة «فرانس برس»، تعرض حقل النفط الأساسي في منطقة هجليج الحدودية المتنازع عليها لأضرار فادحة في المعارك. وفي السياق، اتهم عبد العظيم حسن، المهندس السوداني في شركة «غريتر نايل بتروليوم كومباني» التي تدير الحقل، مخربين «محترفين» بتدمير محطة الكهرباء الأساسية التي تزود حقول النفط ومحطة التكرير، فضلاً عن تدمير قاعات التحكم ونظام الأمن لمحطة التكرير، وهي الاتهامات نفسها التي وجهها وزير النفط السوداني، عوض الجاز، بإشارته إلى أن التخريب «جرى بواسطة خبراء أجانب في البترول»، لافتاً إلى أن الهدف الرئيسي من دخول قوات جنوب السودان للمنطقة تدمير منشآتها النفطية.
من جهته، أوضح حسن أن الشركة المشغلة للحقل تسعى إلى إعادة تشغيل وحدات الإنتاج يدوياً «بأسرع ما يمكن»، ولا سيما أن توقف الإنتاج النفطي في هجليج منذ العاشر من نيسان أدى إلى تدهور أكبر لاقتصاد السودان الذي يمر بأزمة.
إلى ذلك، استمرت المواقف الدولية المطالبة بالتهدئة. وجدد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، دعوته الخرطوم وجوبا إلى التفاوض لإنهاء أعمال العنف، مشدداً على أن «قتل الأبرياء يجب أن يتوقف»، فيما طالبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، السودان بإيقاف «عمليات القصف الجوية ونيران المدفعية على جنوب السودان». بدوره، عبّر الاتحاد الأوروبي، أمس، عن القلق الشديد بشأن تصاعد العنف، داعياً الحكومتين إلى «وقف الهجمات فوراً التي تشن بين أراضيهما».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)