كعادتهم، أعلن حكام إسرائيل مواقف سياسية أبطلوا مفعولها بخطوات ميدانية تلغي أي إمكان لترجمتها على الأرض. ففيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للمرة الأولى، تأييده إقامة دولة فلسطينية «مترابطة»، منحت حكومته الوضع القانوني لثلاثة مواقع استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وهو ما قوبل بانتقادات حادة حتى من الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا والفلسطينيين طبعاً. وقال نتنياهو في مقابلة على شبكة «سي أن أن» الأميركية، رداً على سؤال عمّا إذا كان يوافق على رغبة الفلسطينيين في أن تكون دولتهم مترابطة غير مقطعة الأوصال: «نعم»، مضيفاً أنه لا يريد أن تبدو الدولة المستقبلية «مثل الجبنة السويسرية». وعن شكل اتفاق السلام هذا، أجاب نتنياهو بأنه يحترم رغبة الفلسطينيين في دولة مترابطة على أن تكون منزوعة السلاح. وشدد على اعتقاده بإمكانية التوصل إلى «اتفاق سلام»، وبالتالي «يمكنني جعل الشعب الإسرائيلي يتبعني في هذا إذا رأيت أن لدي شريكاً جدياً في الجانب الآخر على استعداد لتقديم التنازلات الضرورية على الجانب الفلسطيني». وبشكل متزامن مع هذا التصريح، أصدر مكتب نتنياهو بياناً، كشف فيه أن الحكومة «منحت الوضع القانوني لثلاثة مواقع استيطانية في الضفة الغربية المحتلة». والمواقع الاستيطانية الثلاثة هي بروخين وسنسانا ورحليم يعيش فيها نحو 1000 مستوطن في أراضٍ اعتبرتها إسرائيل «مملوكة للدولة» في الضفة.
إعلان جاء بمثابة إهانة جديدة للدبلوماسية الأميركية، بما أن هذا القرار صدر خلال زيارة المبعوث الاميركي ديفيد هيل إلى المنطقة، في محاولة لإحياء «عملية السلام» المتوقفة، وهو ما يذكّر بالأزمة الأميركية ــ الإسرائيلية التي انفجرت إثر إعلان حكومة دولة الاحتلال عن مشروع استيطاني كبير خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن إلى الأراضي المحتلة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند إن واشنطن «تسعى للحصول على ايضاحات من الحكومة الإسرائيلية عبر سفارتنا في تل أبيب، وتكرر معارضتها للأنشطة الاستيطانية». وفي السياق، انتقد وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله القرار الإسرائيلي، وهو ما فعله الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، إضافة إلى وزارة الخارجية التركية. وكانت الرئاسة الفلسطينية قد دانت قرار تشريع البؤر الاستيطانية، ووضعته في خانة «الرد على رسالة الرئيس محمود عباس» لنتنياهو المطالبة بتجميد الاستيطان لاستئناف مفاوضات السلام.
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)