فيما استبعد رئيس أركان الجيش الاسرائيلي الجنرال بيني غانتس أن تقرر إيران صنع قنبلة ذرية، واصفاً قيادتها في مقابلة نشرت أمس بأنها «عقلانية جداً»، رفض الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز، المقارنة بين المحرقة اليهودية، إبان الحكم النازي لألمانيا، وإيران، موجهاً بذلك انتقاداً لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي قال الأسبوع الماضي إن إيران نووية ستكون حتماً محرقة ثانية للشعب اليهودي.
وقال بيريز، في مقابلة أجراها معه موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني بمناسبة «يوم استقلال» الدولة العبرية، أمس، إن المحرقة وإيران «ليستا متشابهتين، وأنا لا أتحدث على هذا النحو، فالمحرقة هي شيء وإيران هي شيء آخر، ولا ينبغي المقارنة بينهما». وأضاف «لكني لست ناقداً أدبياً، ورئيس الوزراء عبّر عن رأيه في هذا الموضوع، وبإمكان كل واحد أن يحكم على الأمور وحده، وأنا أؤمن بأن بإمكاننا مواجهة الخطر الإيراني، فالولايات المتحدة وأوروبا مثلنا لا يمكنهما القبول بإيران نووية وتريدان وقف ذلك (أي البرنامج النووي الإيراني)، أما بالنسبة إلى هتلر (أدولف هتلر الزعيم النازي الراحل في المانيا)، فإن العالم غط في سبات حينذاك، وهذا لا يحدث اليوم والعالم استيقظ».
وعبّر بيريز عن معارضته لهجوم عسكري إسرائيلي منفرد على إيران، قائلاً إنه «إذا كان هناك جانب عسكري، فإن هذا هو الجانب الأميركي، وفي فترة هتلر لم يجهّز العالم جانباً عسكرياً، واليوم هو يجهّز جانباً كهذا». وتابع إنه «بإمكان إسرائيل الدفاع عن نفسها، لكننا لسنا وحيدين وهذه أفضلية وليست نقصاً، وأنا مقتنع بأن ما يقوله (الرئيس الأميركي باراك) أوباما حقيقي، وفي هذا السياق لا ينبغي الانشغال بتلميع السيوف، وإنما يجب ممارسة عقوبات وضغط سياسي، وأوباما جدّي وأنا أصدق ما يقوله، فهو يتحدث عن المصلحة العليا للولايات المتحدة».
في هذا الوقت، بدا توصيف غانتس لحكام إيران متناقضاً مع التحذيرات العلنية المعتادة لنتنياهو، من أن القادة الإسلاميين قد يختارون استخدام الأسلحة النووية، رغم خطر التعرض لانتقام مدمر. وقال غانتس لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن «إيران تتحرك خطوة بخطوة تجاه نقطة ستكون عندها قادرة على أن تقرر ما إذا كانت تريد صنع قنبلة نووية. ولم تقرر بعد ما إذا كانت ستقطع هذا الميل الإضافي». وأضاف قائلاً «في رأيي، المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، سيرتكب خطأ فادحاً إذا فعل ذلك. ولا أعتقد أنه يريد أن يقطع هذا الميل الإضافي».
وتابع الجنرال الإسرائيلي «أعتقد أن لدى القيادة الإيرانية أناساً عاقلين جداً، لكني أوافق على أن وجود مثل هذه القدرة في أيدي إسلاميين أصوليين ـــ ربما يقومون في وقت ما بحسابات مختلفة ـــ هو أمر خطير».
وحول إمكان توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، أكد غانتس أن «الخيار العسكري هو الأخير زمنياً، لكنه الأول من حيث الصدقية. نحن نستعد له بطريقة ذات صدقية، وهذه وظيفتي كرجل عسكري».
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، للإذاعة الإسرائيلية العامة، أمس، إن إيران «لم تقرر إنتاج القنابل النووية حتى الآن». ورداً على سؤال عن تأثير العقوبات الدولية، أوضح باراك أنه «في حال وجود تصميم لدى الأميركيين والأوروبيين ولدينا نحن أيضاً، عندها تكون هناك فرصة لإيقاف الإيرانيين قبل أن يتوصلوا الى سلاح نووي»، مؤكداً من جهة أخرى أن «جميع الخيارات تبقى مطروحة».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تقوم بإنشاء وكالة استخبارات جديدة ستركز على إيران والصين مع ابتعادها عن ساحات الحرب في العراق وأفغانستان. وقالت الصحيفة إن هذه الوكالة الجديدة ستستفيد من الوكالات الموجودة وتعمل بشكل وثيق مع وكالة الاستخبارات المركزية لكشف التهديدات الكامنة. وأضافت إن ضباطاً من وكالة الاستخبارات يجمعون سراً معلومات خارج نطاق ساحات الحرب التقليدية، والتحرك الأخير يرسخ التعاون بين البنتاغون و«سي آي ايه». ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع قوله إنه يتوقع أن تتطور الوكالة الجديدة «من بضع مئات الى عدة مئات» من العملاء في السنوات المقبلة.
والإعلان عن تشكيل هذه الوكالة الجديدة يأتي بعد أسبوع من تعيين البنتاغون الجنرال مايكل فلين رئيساً للاستخبارات العسكرية.
في هذا الوقت، أعلنت الناشطة الإيرانية شيرين عبادي، الحائزة جائزة نوبل للسلام، أن طموحات إيران النووية يجب ألا تمنع قادة العالم من الضغط على إيران لاحترام حقوق الإنسان وإرساء الديموقراطية. وقالت عبادي، خلال القمة العالمية لحائزي جائزة نوبل للسلام في شيكاغو، «إني مسرورة جداً لإعلان الحكومتين الإيرانية والأميركية أن المفاوضات التي جرت أخيراً في اسطنبول بشأن ملف إيران النووي تكلّلت بالنجاح»، لكنها ذكرت أنها تعارض أي جهود «لمصالحة حكومة لم تحترم حقوق الإنسان طوال ثلاثة عقود»، مشددة على أنه «يجب أن تكون الديموقراطية وحقوق الإنسان في صلب أي مفاوضات مع الحكومة الإيرانية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)