القاهرة | «طز في جلالتك» كان الشعار الذي اختار المتظاهرون المصريون رفعه أمام السفارة السعودية، احتجاجاً على اعتقال المعتمر المصري أحمد الجيزاوي، بتهمة الإساءة إلى الذات الملكية، بعدما بدا أن الاعتقال ليس إلا النقطة التي أفاضت الكأس في علاقة المملكة بالشارع الثائر.
فالعلاقات المصرية السعودية بعد الثورة ظل يحكمها «أمل» تعقده الحكومات المتعاقبة على مساعدات وقروض من المملكة لإنقاذ الاقتصاد المصري المتعثر، بالرغم من الغضب الشعبي العارم عليها بسبب دعمها الصريح للرئيس المخلوع حسني مبارك خلال أيام الثورة، فضلاً عن فتاوى حرمة الخروج على الحاكم من مشايخها.الأمل بالمساعدات أخذ يخبو شيئاً فشيئاً بعد وعود متكررة من الدولة النفطية من دون تنفيذ. وهو ما فسر في وسائل الإعلام كمساومة على براءة مبارك من تهم قتل المتظاهرين والفساد المالي التي يواجهها. إلاّ أن مذكرة الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية التي أعدتها وزارتي المال والتخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي تكشف عن أن الحكومة لا تزال تنتظر من نظيرتها السعودية 2.75 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالي والمقبل.
وهو أمل قد يُفسر كذلك موقف السفارة المصرية في السعودية المنتقَد من الحقوقيين حيال اعتقال الجيزاوي فور وصوله إلى الأراضي السعودية قبل أيام لأداء العمرة، على خلفية إقامته دعوى قضائية أمام القضاء الإداري المصري ضد ملك السعودية مطالباً بالإفراج عن المعتقلين المصريين هناك. وبعدما أثارت تهمة العيب في الذات الملكية، التي يواجه الجيزاوي إزاءها عقوبة الجلد والحبس لسنة، غضب الرأي العام المصري، لجأت السلطات السعودية إلى تبرير اعتقاله بحيازته أقراصاً مخدرة، ليردد السفير المصري، محمود عوف، الاتهامات السعودية نفسها. إلا أن رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، أكد لـ«الأخبار» أن عوف «لم يحضر التحقيقات مع الجيزاوي أصلاً، ولم يطلع على المضبوطات المزعومة تلك إن وجدت». ويشكك أبو سعدة، الذي يحاول إقناع وزارة الخارجية بحضور ممثل عنها التحقيقات، في صحة الاتهامات الموجهة إلى الجيزاوي بتهريب المخدرات، قائلاً إن أربعين مصرياً على الأقل معتقلون في سجون المملكة على خلفية قضايا سياسية بخلاف المئات ممن يواجهون اتهامات لاحقتهم بسبب خلافات مع «الكفيل»، وبسبب الإقامة غير الشرعية في المملكة. وأضاف: «بخلاف ذلك، فالقضاء السعودي برمته لا يخضع لقواعد المحاكمات العادلة الصادرة عن الأمم المتحدة كما وردت في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».
وقضية الجيزاوي قد تأتي بما لا تشتهي سفن المرشح الرئاسي عمرو موسى، الذي خرج مدير حملته هشام يوسف، ليستنكر هتافات المحتجين ضد السفارة السعودية. وجدد الوعد، الذي منحه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل لموسى بالإفراج عن الجيزاوي، الحديث عن دعم محتمل من المملكة للأمين العام السابق للجامعة العربية، وخصوصاً أن ذاكرة المصريين لم تنس بعد «قصة الخمسة ملايين دولار التي سلمتها الرياض لعمرو موسى قبل عدة أشهر» ونشرتها مجلة «المصور»، وتناولتها أيضاً مجلة «روزاليوسف». حينها، رد السفير السعودي في القاهرة بأنها مكافأة نهاية خدمة تمنحها بلاده لكل أمين عام للجامعة العربية يغادر موقعه. لكن الذي حدث أنها سلمت لعمرو موسى شخصياً، لا للأمانة العامة للجامعة العربية، حسبما قال وائل قنديل، أحد أبرز كتاب الأعمدة الصحافية أول من أمس في جريدة «الشروق».