بدأت نبوءة الانتخابات الإسرائيلية تحقق ذاتها، وانتقلت المؤسسة السياسية إلى مرحلة التجاذب بشأن موعدها، حيث تتراوح تقديرات إجرائها، حتى الآن، بين شهري أيلول وتشرين الأول المقبلين. ومع بقاء الموعد أسيراً للتجاذبات السياسية، باتت القضايا السجالية أكثر حضوراً في مواقف القيادات وخلفياتها، وتحديداً ما يتعلق منها بـ«قانون طال»، الذي ألغت المحكمة العليا سريان مفعول العمل به بدءاً من شهر آب المقبل، والموازنة التي يشتد التجاذب بشأنها، على خلفية التضارب بين متطلبات الواقع الاجتماعي والموازنة الأمنية.
ممثّلو الأحزاب الكبرى في الساحة الإسرائيلية باشروا التباحث بهدف التوصل إلى موعد متّفق عليه للانتخابات العامة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن محافل سياسية رفيعة المستوى أدارت، بتكليف من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اتصالات أوّلية مع رئيس حزب «كديما»، شاؤول موفاز، لتنسيق موعد متفق عليه للانتخابات. وبدا اقتراح موفاز بإجرائها في 16 تشرين الأول المقبل متعارضاً مع مصلحة نتنياهو الذي يريد إجراءها قبل إمرار قانون الموازنة، بين آب وأيلول، خوفاً من تعرضه لابتزاز الأحزاب المنافسة له، التي ستطالب باقتطاع مالي من الموازنة الأمنية لمصلحة قطاعات اجتماعية.
ورداً على ذلك، أكدت وزيرة الثقافة والرياضة، ليمور ليفنات (ليكود)، أن «رئيس الحكومة لن يخضع لابتزازات موازناتية، وفي وضع كهذا من الأفضل تقديم الانتخابات».
أيضاً، تحوّل قانون «طال» الذي يتناول مسألة تجنيد «الحريديم»، أي المتدينين في الجيش، إلى مادة سجالية يحاول كل فريق تسجيل نقاط تُمكِّنه من اجتذاب قطاعات جماهيرية مُحدَّدة، وأبرز من بادر إلى خطوة استباقية هو وزير الخارجية رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» المعروف بعدائه للحريديم، أفيغدور ليبرمان، الذي أعلن أنه سيُقدم مشروع قانون خاص في 9 أيار المقبل يلزم كل طلاب المدارس الدينية بالخدمة العسكرية، باستثناء نحو ألف من المتفوّقين في دراسة التوراة، معلناً أن «التزامنا تجاه الائتلاف انتهى، والآن لدينا التزام تجاه الناخب». وهدّد ليبرمان بأنه إذا لم يدعم الائتلاف مشروعه «فإننا سنذهب نحو الحسم»، في إشارة إلى إمكان استقالته من الحكومة.
في المقابل، بدا أن نتنياهو يحاول الالتفاف على ليبرمان، إذ قال لممثّلي «خيمة المغبونين» الذين يناضلون ضد إعفاء الحريديم من التجنيد، إن «توزيع العبء ينبغي أن يتغيّر»، مُشدداً على أن «ما كان لن يكون، قانون طال سيُستبدل»، وقال «إذا كان هناك حاجة، فسنذهب إلى الانتخابات».
في موازاة ذلك، قرر كل من حزبي «العمل» و«ميرتس»، مع بدء الدورة الصيفية للكنيست التي تبدأ اليوم، تقديم قانون لحل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة. وبحسب التقديرات التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، فإن لرئيسة العمل شيلي يحيموفيتش مصلحة واضحة في تقديم موعد الانتخابات إلى أقرب موعد ممكن بهدف تثمير الزخم الذي نالته في استطلاعات الرأي التي تمنحها 18 مقعداً وتجعلها الكتلة الثانية بعد الليكود من حيث الحجم.
وبحسب تقارير إعلامية، يُفضّل موفاز انتظار موقف نتنياهو، إذا كان سيبادر بنفسه إلى تقديم موعد الانتخابات، لكنهم في «الليكود» يقدّرون أن موفاز غير فرح بالانتخابات المبكرة لكونه لم يستعد لها، الأمر الذي دفعه إلى الانجرار وراء العمل وميرتس في هذا الخيار.
في السياق نفسه، أكد وزراء في «الليكود»، بعد جلسة الكتلة، أن الانطباع الذي تكوّن لديهم من كلام رئيس الحكومة «أنهم يسيرون نحو الانتخابات»، فيما قال الأخير إن «الأمور ستتضح في القريب، والتقدير هو أننا نتجه نحو انتخابات مبكرة، ولكن إلى حدّ الآن لا يوجد خلاصات. يوجد تنافس في المعارضة، رغم أنهم غير فرحين للانتخابات».