القاهرة | ما بين عشيّة وضحاها، عادت المياه إلى مجاريها مرة أخرى، وانتهى الخلاف بين مصر والسعودية. رئيس المجلس العسكري حسين طنطاوي، التقى أمس بالسفير السعودي في القاهرة أحمد عبد العزيز القطان. ووفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أكد طنطاوي للقطان «عمق وتقدير الشعب المصري للسعودية قيادة وشعباً، وعمق وثوابت العلاقات المصرية _ السعودية والروابط الأخوية التى تربط بين الشعبين الشقيقين». كذلك وجه المشير «الشكر للملك عبد الله بن عبد العزيز لحرصه على دعم العلاقات المصرية _ السعودية التاريخية التي لا تتأثر بأي أحداث طارئة». في المقابل، نقلت الوكالة عن السفير تأكيده «تقدير السعودية الكامل لمصر حكومةً وشعباً». وكان السفير السعودي قد عقد، أول من أمس فور عودته، مؤتمراً صحافياً تطرق فيه بإسهاب للعلاقات بين الرياض والقاهرة. وأكد أن «كل من صدر بحقه حكم قضائي هو مدان، ومن لم يصدر إلى الآن أي حكم بحقهم فإن ذلك يعود لأنهم متهمون بقضايا إرهابية، وربما متهمون بتهريب المخدرات والأسلحة أو بارتباطات بتنظيم القاعدة، وفي جميع الأحوال فإن هذه القضايا لا تُناقَش؛ لثقة الجانب المصري بنزاهة القضاء السعودي وعدالته، كذلك نثق نحن بنزاهة القضاء المصري».
أما في ما يتعلق بالناشط الحقوقي أحمد الجيزاوي، الذي كان القبض عليه سبباً في أزمة بين الرياض والقاهرة، فرأى القطان أنه «بريء إلى أن تثبت إدانته، وأن الأمر في يد القضاء الآن». وأكد السفير أن «الأزمة بين البلدين انتهت إلى غير رجعة»، وأن «الذي حدث تبني بعض وسائل الإعلام المصرية لقصة مختلقة من الأساس»، متحدثاً عن «وجود جهات خارجية لا يهمها ولا ترغب في توطيد العلاقات السعودية المصرية، وهي لن تنجح في ذلك؛ لأن العلاقات بين البلدين متينة وأكبر من ذلك».
وفيما نفى القطان ما تردد بشأن تعرضه لمحاولة اغتيال في مصر، تطرق إلى ملف علاقة السعودية بالرئيس المخلوع حسني مبارك، قائلاً: «علاقتنا مع الرئيس السابق انتهت في 11 شباط 2011»، نافياً ما تردد عن نية السعودية سحب استثماراتها وإعادة العمالة المصرية من السعودية إذا جرت محاكمة مبارك. ولفت إلى «زيادة حجم الاستثمارات السعودية في مصر من 800 مليون جنيه في العام الماضي إلى مليار و200 مليون العام الحالي، ما يؤكد أن السعودية لم تفكر في يومٍ من الأيام بسحب استثماراتها».
ومن بين ما نفاه السفير أيضاً دعم السعودية لأي من المرشحين للرئاسة المصرية قائلاً: «نقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين والأطراف».
إلّا أن التأكيدات الرسمية المصرية والسعودية بانتهاء الأزمة لم يوافق عليها عضو المكتب السياسي لحزب الكرامة، أمين إسكندر، الذي رأى أن الأزمة بين البلدين لم تنته بعودة السفير، ولا سيما أن أوضاع المصريين في المملكة لا تخفى على أحد. وانتقد اسكندر زيارة الوفد البرلماني والحزبي إلى السعودية، معتبراً إياه أمراً «غير مقبول ومهين للثورة وللشعب المصري ولا يمكن قبوله أبداً».
في موازاة ذلك، أمر رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب، محمد السعيد إدريس، بإعداد كشوف كاملة بأسماء المعتقلين في المملكة، وبدء جولات من الحوار مع الجانب السعودي بشأن سرعة الإفراج عنهم. وطالب الإعلام المصري بتسليط الضوء على تلك القضية حتى يتشكل رأي عام في الشارع المصري والعربي للضغط من أجل الإفراج عنهم، وذلك بالتزامن مع تقديم ثلاثة نواب في البرلمان، أول من أمس، بطلبات عاجلة لمناقشة أزمات المعتقلين المصريين في المملكة ممن لم توجه إليهم أي تهم. وتقدم النواب بكشوف بأسماء المعتقلين، مؤكدين أن المعتقلين محتجزون في ظروف سيئة للغاية، ومطالبين بتدخل وزارة الخارجية للإفراج عنهم أو على الأقل توجيه تهم لهم وتحسين ظروف احتجازهم.