القاهرة | قانون لإقصاء الفلول. استبعاد أحمد شفيق من الترشح للرئاسة. إعادة شفيق للسباق. حكم قضائي يلزم بإبعاد الفلول عن الرئاسة... في أقل من 15 يوماً، تصدرت أخبار آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، أحمد شفيق، قائمة أولويات المصريين. وانقسم المصريون بين مؤيد ومعارض لبقاء أبرز رموز النظام السابق ضمن قائمة المرشحين لرئاسة مصر بعد الثورة، حتى أصبح ترشح شفيق لخلافة المخلوع بمثابة «حسبة برما»، وهي مقولة مصرية شائعة تقال عندما يحتار الأمر في حساب شيء ما. محكمة القضاء الإداري، أعادت أمس الحديث عن الموقف القانوني لشفيق بإصدارها حكماً بوقف تنفيذ قرار لجنة الانتخابات الرئاسية، القاضي بإحالة قانون العزل السياسي إلى المحكمة الدستورية العليا لبتّ مدى دستوريته، قبل تطبيقه على المرشح الرئاسي أحمد شفيق واستبعاده من قائمة مرشحي الرئاسة التي تضم 12 مرشحاً إلى جانب شفيق.
حكم المحكمة أوجب تطبيق قانون العزل السياسي ابتداءً من اليوم التالي لتصديق المجلس العسكري عليه في 24 نيسان الماضي، أي قبل يومين من إعلان القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة في 26 نيسان الماضي، وهو ما يلزم اللجنة ضمناً بإعادة استبعاد شفيق من الترشح للرئاسة. لكن حكم القضاء الإداري قابله تصميم من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بعدم الرجوع عن قرارها بقبول تظلم شفيق وعودته إلى الانتخابات الرئاسية، معتمدةً على الصلاحيات التي كفلتها المادة 28 من الإعلان الدستوري للجنة. وهي صلاحيات وصفها حكم المحكمة الذي صدر في الساعات الأولى من صباح أمس بالأسطورية وتمثل «ردة الى عصر الاستبداد». إلا أن اللجنة عبرت عن موقفها بالتقدم رسمياً بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي استجابت على الفور، وقررت أن تفصل في مصير استمرار شفيق في الانتخابات الرئاسية من عدمه اليوم في جلسة استثنائية.
من جهتها، قللت حملة شفيق من فعالية حكم المحكمة، ورأت أن الأمر لا يخرج عن كونه «تصفية حسابات سياسية». وفي بيان رسمي أصدرته أمس، نفت حملة شفيق استبعاده من الانتخابات الرئاسية، مؤكدةً أنه «مستمر حتى النهاية»، وأنه لم يطرأ أي تعديل على موقفه القانوني، في الوقت الذي تقدم فيه محامي شفيق بطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لوقف حكم القضاء الإداري. وهو الحكم الذي جاء ليربك حسابات القوى السياسية ويعيد ترتيب قائمة مرشحي الرئاسة الأكثر حظاً، مرجحاً كفة المرشح المحسوب على النظام السابق عمرو موسى.
ورأى معظم السياسيين أن الحكم يؤكد ضرورة تطهير البلاد من رموز النظام السابق. ووفقاً لعضو مجلس الشعب عصام سلطان، الذي قدّم مشروع قانون العزل السياسي لمسؤولي النظام السابق أمام مجلس الشعب، فإن «الحكم يؤكد ضرورة إلزام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بتنفيذ أهداف ثورة 25 يناير وإقصاء الفلول عن انتخابات الرئاسة»، فيما رأى مراقبون أن الحكم يعبر عن التخبط القانوني الذي تعيشه مصر منذ تولي المجلس العسكري سلطات الحكم.
من جهتهم، اختلف القانونيون في تقويم الموقف. ورأى الفقيه الدستوري، المستشار محمد أمين المهدي، أن الحكم لن يحرك ساكناً لأن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تعمل بمعزل عن الطعن في قراراتها بموجب المادة 28 من الإعلان الدستوري. وأضاف «الجهة الوحيدة المختصة بحسم مصير بقاء شفيق في الانتخابات الرئاسية من عدمه هي المحكمة الدستورية العليا، المنظور أمامها قانون العزل السياسي في الوقت الحالي»، فيما أكد رئيس المكتب الفني للمحكمة التي أصدرت الحكم، المستشار محمد حسن، لـ«الأخبار»، أن حكم المحكمة يؤكد ضرورة سريان قانون العزل السياسي إلى حين عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا. وأضاف «طالما لم يصدر حكم من الدستورية، فينبغي تنفيذ نصوص قانون العزل السياسي، وإبعاد شفيق عن الرئاسة».
وفي السياق، قضت محكمة مصرية مساء أمس بوقف تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بدعوة الناخبين إلى الانتخابات الرئاسية وإحالة قانون العزل السياسي على المحكمة الدستورية العليا لبتّ مدى دستوريته، ورفضت المحكمة إحالة المادة 28 من الإعلان الدستوري على المحكمة الدستورية العليا لعدم اختصاصها ولائياً.
المحكمة بررت حكمها بأن «العليا للانتخابات الرئاسية غير مختصة بإصدار المادة الأولى من قرارها رقم 5 لسنة 2012 بدعوة الناخبين إلى انتخاب رئيس الجمهورية»، مؤكدة أن المتعارف عليه قانوناً هو دعوة رئيس الجمهورية للناخبين، وفي حال غيابه يحل محله المجلس العسكري الحاكم للبلاد. وقالت إن التعديلات التي أدخلها مجلس الشعب على قانون مباشرة الحقوق السياسية المعروف بقانون العزل السياسي تقيد الحقوق السياسية اللصيقة بالمواطن من دون حكم قضائي، وهو ما يحيط شبهة عدم الدستورية بها.
وقال المستشار محمود النمر، أحد أعضاء المحكمة لـ«الأخبار»، إن الحكم لا يترتب عليه وقف الانتخابات الرئاسية وإنما إلزام المجلس العسكري بإصدار قرار بدعوة الناخبين بدلاً من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية غير المختصة.