الخرطوم ــ الأخبار «الإعدام أو المؤبّد لمن يدعم قوات العدو». خصصت هذه الفقرة لوقف القوافل التجارية المتجهة من دولة السودان إلى الجارة الجنوبية، وهي فقرة واحدة مما حملته ست أوراق جاءت متضمنة لبنود «قانون رد العدوان ومحاسبة المعتدين»، الذي أجازه البرلمان السوداني في الخامس والعشرين من الشهر الماضي في مرحلة السمات العامة، قبل أن يصادق عليه أول من أمس.
وستكون الحكومة السودانية ملزمة بالتعامل مع من اعتبرهم القانون بـ«الأعداء»، حيث تشير كل فقرة فيه إلى أنه تم تفصيله خصيصاً للجارة الجنوبية جنوب السودان كواحد من تداعيات الهجوم على هجليج الذي شنه جيشها المنطقة النفطية، من دون أن يلغي ذلك إمكان وجود دول أخرى قد تكون في المستقبل مستهدفة.

وأهم ما تضمنه مشروع القانون أنه وضع ست نقاط أساسية كشروط للتفاوض مع الدولة المعتدية، على رأسها «إيقاف كل الأعمال العدائية والعسكرية والحملات السياسية والدعاية الإعلامية تجاه السودان»، إلى جانب فك الارتباط مع أي مجموعات «إرهابية مسلحة تعمل ضد الدولة انطلاقاً من البلد الآخر». كذلك نص على طرد كل من يتبع لتلك المجموعات وإغلاق مقارها وتجريدها من العتاد الحربي، وفك الارتباط السياسي مع أي منظمات سياسية أو مجموعات معادية للسودان تقيم في أراضي الدولة المعتدية أو داخل أراضي جمهورية السودان، إلى جانب إزالة أي عبارات تمس سيادة السودان إذا وردت ضمن مسميات سياسية وعسكرية داخل أراضي الدولة المعتدية. وحملت شروط التفاوض الاعتذار دولياً وإقليمياً عن الأفعال والأعمال العدائية التي ارتكبتها الدولة المعتدية في حق السودان أرضاً وشعباً، إلى جانب التعويض عن الخسائر التي لحقت بالبلاد بعد تقويمها بواسطة جهات محايدة.
ورغم عمومية فقرات القانون، إلا أنه بدا واضحاً أنه فصّل لجهة واحدة وهي دولة جنوب السودان. وكان نواب في البرلمان السوداني قد حذروا منذ إقرار مشروع القانون في مرحلة السمات العامة، من مغبة إجازة القانون بفصوله الراهنة، مطالبين في الوقت ذاته بأن يشمل القانون دولتي مصر وإثيوبيا باعتبارهما «تحتلان أراضي سودانية»، حسبما أشار إسماعيل حسين، النائب عن المؤتمر الشعبي المعارض، بزعامة حسن الترابي. ونجح حسين في تسجيل اعتراض عبر مداخلة ساخنة وصلت إلى حد الملاسنة بينه وبين رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السوداني، النائب عن المؤتمر الوطني الحاكم كمال عبيد، بعدما أشار حسين إلى «أن مصر وإثيوبيا يحتلان حلايب والفشقة». وهو أمر حسب النائب يسلتزم «رد عدوانهما». إلا أن رئيس البرلمان السوداني، أحمد إبراهيم الطاهر، علق على مداخلة النائب إسماعيل بأن «الوضع في حلايب يختلف عن الذي جرى فى هجليج». لكن حسين تمسك باعتراضه، معتبراً أن سن قانون في الوقت الراهن فيه «استعجال»، مطالباً برد العدوان عن كل الأراضي السودانية من جميع الاتجاهات وعدم تخصيصه على الجنوب فقط دون مصر وإثيوبيا.
من جهته، تحفظ وزير العدل محمد بشارة دوسة، أول من أمس، على بعض بنود المشروع، وقال إنها تتعارض مع قوانين أخرى كما تشمل جرائم لم يحدد لها القانون أية عقوبات، مطالباً بإخضاع مشروع القانون لمزيد من الدراسة حتى يخرج محكم الصياغة.
إلا أن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، كمال عبيد، كان قد حسم الموقف منذ إقرار مشروع القانون في مرحلة السمات العامة، مؤكداً أن الهدف منه «اتخاذ إجراءات قوية وصارمة لوقف الاعتداءات والأعمال العدوانية لحكومة الحركة الشعبية ومن يساندها من الدول والمنظمات المشبوهة»، واصفاً الأصوات المنادية بعدم التعجل في إصدار القانون «بالنشاز». واعتبر أنه «لا يمكن أن تكون هناك عجلة عندما نتحدث عن أمر يخص الوطن والاعتداء عليه»، مشيراً إلى أن عدم إصدار قانون بهذا الشكل وفي هذا الوقت بالتحديد «خيانة» للشعب السوداني.
وتبقى من أهم نقاط القانون، ذات التأثير الفعال اقتصادياً على شطري البلاد، الفقرة التى تمنع عبور أي سلع أو بضائع لدولة جنوب السودان والتي أشارت إليها الفقرة «الدولة المعتدية»، إضافةً إلى مصادرة كل ممتلكاتها في البلاد. وتتوافق الفقرة مع تشديد الخرطوم على مصادرة كل سلع وبضائع تتجه إلى دولة الجنوب من الشمال.