الجزائر | تضاربت التقديرات بخصوص نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس بالجزائر، فيما ظهرت اتهامات بالتزوير على نطاق واسع مع إعلان زعيم حلف «الجزائر الخضراء» الاسلامي شكوكه بخصوص «نفخ» نسبة المشاركة من 4 في المئة عند العاشرة صباحاً الى أكثر من 15 في المئة عند منتصف النهار، لتقفز الى أكثر من 27 في المئة عند الرابعة مساء.
وقال عبد الله جاب الله، في مؤتمر صحافي «صعب تصديق ارتفاع النسبة بهذا المستوى في ظرف قياسي. هذا وضع غير عادي، ويستحق أن ننظر اليه بعين الريبة». وأضاف أن «هذا الارتفاع المفاجئ للنسبة في زمن قصير يحتاج لقراءة كي نعرف دوافعه». وأكد أن المراقبين التابعين لحلفه رفعوا له تقريرا يشير الى تخصيص الادارة فضاءات لتصويت العسكريين ورجال الأمن وهو خرق صارخ للقانون».
وقبل جاب الله، كانت جبهة القوى الاشتراكية قد أعلنت عن تجاوزات في عدد كبير من المراكز الانتخابية استناداً الى تقارير من مراقبيها. وكانت وزارة الداخلية، التي نصبت خلية متابعة، قد أصدرت أربع نشرات قبل النشرة الأخيرة التي تعلن فيها النتائج التقريبية، وأشارت فيها الى أن عملية الاقتراع «تجري في ظروف عادية»، وأن نسبة المشاركة كانت 4 في المئة عند العاشرة و15 في المئة بعد ساعتين و 27 في المئة قبل ساعتين من اغلاق مكاتب الاقتراع عند السادسة مساء.
وان صدقت هذه النسب، فإن انتخابات أمس تكون قد تجاوزت نسبة 35 في المئة المسجلة عام 2007، وتقترب من نسبة 46 في المئة المسجلة عام 2002، وخصوصاً أن الادارة قررت تمديد زمن الاقتراع ساعة اضافية في 534 بلدية من بين الـ1541 التي جرت فيها الانتخابات.
ولوحظ أن الاقبال كان محتشماً جداً، وأن عدداً كبيراً من المكاتب، ولا سيما في المدن الكبرى مثل العاصمة وفي سطيف ووهران وقسنطينة وعنابة، ظلت شبه خالية حتى منتصف النهار. وسجلت أكبر النتائج في ولايات الجنوب خاصة اليزي وأدرار وتمنراست، حيث بلغت نسبة الإقبال ما يزيد على 52 في المئة عند الرابعة مساء، وكان يتوقع أن تتجاوز 80 في المئة عند ساعة الاغلاق. لكن هذه الولايات هي الأقل تمثيلاً في البرلمان لقلة سكانها، وهي في العادة تصوت لأحزاب السلطة، خاصة جبهة التحرير والتجمع الديموقراطي، وبدرجة أقل حركة مجتمع السلم (الاخوان).
في غضون ذلك، شهدت بعض المناطق اضطرابات عطلت العملية الانتخابية خاصة في ولاية البويرة، حيث خرج مئات من الشباب الغاضب في بلدية الصهاريج بسبب تردي ظروفهم الاجتماعية وحطموا مركز الاقتراع الوحيد في بلديتهم ومنعوا المراقبين من ممارسة مهمتهم، واشتبكوا مع قوى الأمن التي حضرت بقوة لإعادة فتح المركز وتمكين السكان من الادلاء بأصواتهم.
وسُجل اعتداء بالسلاح الأبيض على أحد ممثلي الأحزاب السياسية في ولاية برج بوعريريج، اضافة الى تسجيل خروقات للقانون في عدد كبير من الولايات، بحيث مارس فيها أعضاء في الحكومة وقياديون من حزبي جبهة التحرير والتجمع الديموقراطي الدعاية قرب مراكز الاقتراع وهو تصرف يمنعه القانون.
وأفادت تقارير صحافية أن بعض مراكز الاقتراع سمحت لمن لا يملكون بطاقات الانتخاب بالتصويت ببطاقات الهوية، فيما منع هذا الاجراء في مراكز أخرى، وهذا ناتج إما عن سوء تنظيم من الادارة أو عن تمييز مفضوح بين الناخبين. وعلمت «الأخبار» أن وفد مراقبي الجامعة العربية سجلوا بعض التجاوزات عند مرافقتهم للمكاتب الانتخابية المتنقلة التي تجوب البراري لجمع الأصوات، خاصة من البدو الرحل. وهي مكاتب فتحت لثلاثة ايام قبل يوم الاقتراع العام.
هذا ودعت عدة أحزاب سياسية، بينها حركة مجتمع السلم الاسلامية وجبهة القوى الاشتراكية والحزب الاشتراكي للعمال وتشكيلات صغيرة أخرى، لإلغاء نتائج الاقتراع في المراكز الانتخابية التي وقع فيها التزوير أو شهدت تجاوزات قانونية اثرت في النتيجة.
وينتظر أن يعلن وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، النتائج المفصلة صباح اليوم، وتتضمن فضلاً عن نسبة المشاركة العامة، النسبة على مستوى كل ولاية وعدد أصوات كل حزب وترتيبه وعدد المقاعد التي حصدها. ويُفتح المجال أمام الطعون في النتائج وتصحيح الاخطاء ان وجدت، وبعدها يعلن المجلس الدستوري بعد نحو أسبوع النتائج النهائية التي لا تقبل الطعن.
وسجل اليوم الانتخابي أحداثاً أمنية بحيث قُتل شخصان على الأقل وأُصيب ثلاثة في انفجار قنبلة بعد منتصف النهار بقليل قرب بلدة بودربالة في ولاية البويرة. وأفادت مصادر أمنية أن القنبلة وضعت على طريق ريفية تمرّ منها قوافل الجيش كما يمر منها الناخبون الى أحد مراكز الاقتراع. كذلك انفجرت قنبلتان في ولايتي البويرة وبومرداس المتجاورتين دون احداث اضرار، فيما تمكنت قوى الامن من ابطال مفعول قنبلتين أخريين في ذات المنطقة.