صنعاء | أثارت قرارات الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، بإقالة وزير الحكومة خالد بحاح وتعيين أحمد بن دغر مكانه، إلى جانب تعيين علي محسن الأحمر نائباً له، ردود فعل راوحت بين الاستغراب والتندّر ومحاولة فهم الغاية السياسية من هذه الخطوة المفاجئة.
وشُغل اليمنيون في اليومين الماضيين بقرارات هادي التي أعلنها بنبرة واثقة، متجاهلاً أن الجميع يعلم دوره الحقيقي كواجهة لا أكثر، تمرر رغبات ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فقط. حتى وإن تعارض ذلك مع رغبات جمهور هادي، خصوصاً هؤلاء الذين كانوا ينتظرون أسماء جديدة لا تلك التي التصقت تاريخياً بالفساد وسبّبت وصول اليمن إلى وضعه الحالي. وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بكمية نقاشات ساخرة جاءت من أصحاب التوجهات السياسية المختلفة، حتى من القلّة التي لا تزال ترى هادي جزءاً من الحل. فإن أحداً لم يكن يتخيل تعيين علي محسن الأحمر وأحمد بن دغر رئيساً للحكومة، لما لهذين الرجلين من «سوابق» وسجلّ حافل بأعمال الفساد والنهب، ولا سيما علي محسن الأحمر. أما بن دغر، فقد عُرف بانتقاله الشهير من الحزب الاشتراكي إلى حزب صالح، وأخيراً إلى السعودية حيث يقيم حالياً.
واستعاد البعض مقولات قديمة حول إقامة الأحمر في السعودية، وعن قيام أهالي الرياض عندما علموا بوجوده عندهم، ببناء أسوار إضافية حول منازلهم وأراضيهم الخاصة، في إشارة إلى عادة الأحمر بسرقة أراضي المواطنين في اليمن، وهو صاحب شهرة في هذا المجال، إذ حتى الأراضي الخاصة بأعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء لم تسلم منه، وهي الأراضي الملاصقة لمعسكر «الفرقة الأولى مدرع» التي كان يقودها.
وفي سياق فكرة النهب نفسها، تداول ناشطون على نطاق واسع صورة كاريكاتور تُظهر علي محسن وهو يؤدي القسم الدستوري وهو يتعهد «المحافظة على أراضي الجمهورية وصيانتها»، فيجيبه هادي: «لازم ترددها ثلاث مرات، أنت ما أحد يأتمنك على أرض». أما بالنسبة إلى إضافات الرئيس المستقيل على قرار إقالة خالد بحاح والتي توحي بتحميله المسؤولية عن تأخر حسم «معركة تعز»، سخر منشور آخر منها متسائلاً: «من هو القائد العسكري الحقيقي؟» حتى يُتهم رئيس وزراء مدني بهذا الأمر.
كذلك، إن ما جاء في نص القرار عن سبب إقالة بحاح العائد «للإخفاق الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية والأمنية وتعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة أبناء شعبنا وحلحلة مشاكله وتوفير احتياجاته»، يُعدّ المرة الأولى التي يصدر فيها قرار يحمل نبرة انتقامية. هذه الصيغة دفعت أحد الناشطين إلى التعليق على النحو الآتي: «لا يزال هادي يعيش على أحقاد حرب يناير 1986، حقد بدوي»، في إشارة إلى يوم هروب هادي من الجنوب ولجوئه إلى الشمال بحماية الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبخصوص الخلافات التي عُرفت بين هادي وبحاح، كتب أحدهم قائلاً: «الخلافات بين الرئيس ورئيس الحكومة تشبه خلافات اثنين يحبّون فتاةً واحدة، لكن المشكلة أن هذه الفتاة تُحب شخصاً ثالثاً».
ومع ذلك، برزت وجهات نظر جادة حول قرار هادي الأخير، جاءت كخلاصة لفترة حكمه. وكتبت الناشطة مايسة شجاع الدين: «قرارات هادي الأخيرة تزيح الجانب الإماراتي، وهي خارجة عن إرادته. فهي قرارات تؤكد نظرتي في عبد ربه منصور أنه الرجل الأسوأ على الإطلاق حتى في اكتشافاته، رياض ياسين (وزير الخارجية السابق) ثم محمد قباطي (وزير الإعلام الحالي) والآن بن دغر». يظلّ التساؤل: «كيف ينجح هادي في التنقيب واختيار الأكثر رداءة منه؟».