حسمت إسرائيل موقفها الرسمي من بقاء الرئيس بشار الأسد، وأبلغت الدول المعنية أن مصلحتها الاستراتيجية تكمن في إسقاطه، وخصوصاً أن ذلك يشكل ضربة قاسية لكل من حزب الله وإيران والمقاومة في فلسطين. وبالرغم من المخاوف الإسرائيلية من انعكاسات انهيار الوضع الأمني في سوريا على جبهة الجولان، قررت تل أبيب المجازفة ودفع ثمن تكتيكي محتمل، مقابل تحقيق إنجاز استراتيجي يحفظ أمنها القومي.
وكشفت صحيفة «هآرتس» عن أن رئيس الاستخبارات العسكرية، أمان، اللواء افيف كوخافي، أبلغ المسؤولين الأميركيين في البيت الأبيض والاستخبارات، والمسؤولين الدوليين في مقر الأمم المتحدة، خلال زيارة سرية لواشنطن ونيويورك قبل أسبوعين، أن الخط الذي تتبناه تل أبيب هو أن «إنهاء ولاية (الرئيس) الأسد يخدم المصلحة الإسرائيلية بشكل أفضل».
أما في ما يتعلق بالمخاوف الإسرائيلية من أن يؤدي إسقاط الأسد إلى تدهور الوضع الأمني على جبهة الجولان، نقلت «هآرتس» عن دبلوماسي أوروبي مطلع على تفاصيل محادثات كوخافي في نيويورك وواشنطن، أن الأخير أكد أن إسرائيل التي كانت ترى إلى ما قبل أشهر، أن بقاء النظام السوري يخدم مصلحتها، قد تغير موقفها، مضيفاً إن إسرائيل «تعتقد بأن مصير الأسد قد حسم، والمسألة الوحيدة المتبقية هي كم من الوقت سيمر حتى يُقال من السلطة»، مقدراً أن ذلك «سيستمر عدة أشهر». ولفتت «هآرتس» إلى أن كوخافي حذّر خلال زيارة مشابهة لواشنطن ونيويورك، قبل حوالى سنة، تناولت الوضع في سوريا، من أن انهيار نظام الأسد سيؤدي إلى انتقال أسلحة متطورة من الجيش السوري إلى حزب الله.
ونقلت «هآرتس» أيضاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الزيارة هدفت إلى إجراء محادثات بشأن الموضوع النووي الإيراني، والأزمة في سوريا واستقرار النظام هناك وتراكم القدرات العسكرية لحزب الله. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية إن كوخافي أعرب خلال محادثاته في واشنطن عن اعتقاده بإمكان إقناع الرئيس الروسي الجديد، فلاديمير بوتين، والعمل مع الغرب لاستبدال الرئيس الأسد.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي الرفيع، احتلت المشكلة الإيرانية محوراً أساسياً في المحادثات التي أجراها كوخافي مع مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأيضاً مع مسؤولين في وكالة الاستخبارات الأميركية، السي. آي. إيه، كما تم التباحث بشأن تقدم البرنامج النووي والمفاوضات التي تجرى بين إيران والدول العظمى بشأن مستقبل هذا البرنامج.
وذكرت «هآرتس» أن كوخافي وصل إلى نيويورك بعد انتهاء زيارته لواشنطن، وقدم تقريراً لسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن يتعلق بالمشكلة الإيرانية، وبالأخص بالوضع في سوريا ولبنان. وبحسب المسؤول الإسرائيلي نفسه، حذّر كوخافي من «استمرار تراكم قدرات حزب الله في جنوب لبنان»، مؤكداً أن «الدمج بين التوتر الداخلي في لبنان وتقويض الاستقرار في سوريا يرفع من خطورة حصول تصعيد».
وفيما أشارت «هآرتس» إلى لقاء كوخافي أيضاً مسؤولين في شعبة قوات الأمم المتحدة، المسؤولين عن قوات اليونيفيل في لبنان، على خلفية تولي الجنرال الإيطالي، باولو سارا، خلفاً للجنرال الإسباني ألبرتو آسارتا، لفتت إلى أن إسرائيل قلقة من التغييرات التي تجرى في تركيبة قوات اليونيفيل، التي تشكل قوات فرنسا وإسبانيا وإيطاليا أكثر من نصف مجموع قواتها، 6000، من أصل 13000. ويعود سبب القلق الإسرائيلي، بحسب هآرتس، إلى أنه بفعل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أوروبا، تقلّص عدد الجنود الأوروبيين في اليونيفيل، وتم استبدالهم بجنود من دول إسلامية مثل أندونيسيا، إذ تخشى إسرائيل من أن تبادر إلى العمل ضد حزب الله في حال الضرورة.