القاهرة | «الأمر لا يعدو إلّا أن يكون ارهاصات الأسبوع الأخير قبل الاستحقاق». هكذا يرى القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين، كمال الهلباوي، الصراع الدعائي المحتدم بين مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية للجماعة، وبين عبد المنعم أبو الفتوح القيادي السابق في الجماعة، المرشح المستقل في الانتخابات الرئاسية.
مرسي بالذات أثار جدلاً واسعاً بالهجوم الحاد على أبو الفتوح، وعاونه في ذلك أحد أشهر الشيوخ السلفيين، محمد عبد المقصود، المؤيد له بقوله إن أبو الفتوح ليس مرشحاً إسلامياً، ناقلاً عن رباب المهدي، مستشارة أبو الفتوح ذات الخلفية الماركسية، أن «الدين لا يجب أن يمارس إلّا في الكنائس والمساجد». بخلاف اتهام صفوت حجازي، وهو أحد أشهر الشيوخ المقربين من الجماعة الإسلامية، حزب النور السلفي بالعمالة لجهاز مباحث أمن الدولة على خلفية اعلان الحزب دعم الحزب لأبو الفتوح.
إلّا أن الهلباوي، وهو أحد الداعمين لأبو الفتوح، يرى في تصريحات لـ«الأخبار» أن لكل من المرشحين البارزين جمهوره، ما يقلل من فرص الصراع على جمهور مشترك. «فمرسي يعتمد على جمهور جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها. وأقصد بالجماعة الأعضاء التنظيميين». ويشدد على أن قطاعاً من الأعضاء سيمنح أصواته لعبد المنعم أبو الفتوح من قبيل ما حدث من استقالة مصطفى رسلان عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة من حزبه معلناً تأييده لأبو الفتوح واحتفاظه بعضوية الجماعة.
ويأتي السجال متزامناً مع استعراضات القوة الانتخابية بين الإخوان تحديداً وأبو الفتوح، ولعل أبرزها تنظيم حزب الحرية والعدالة ما سماه «أطول سلسلة بشرية في العالم لدعم مرسي رئيساً لمصر». وقال الحزب إن حملة مرسي رئيساً لمصر نظمت أطول سلسلة بشرية في العالم بحيث امتدت من أسوان أقصى جنوب مصر إلى الإسكندرية في أقصى شمالها عبر الطريق السريع (ما يقارب 900 كيلومتر)، مضيفاً أن الحملة تستهدف دخول السلسلة البشرية ضمن موسوعة «غينس» للأرقام القياسية كأطول سلسلة بشرية في العالم لدعم مرشح رئاسي.
من جهته، أوضح عضو الحملة الانتخابية لمرسي، أحمد ربيع، لـ«الأخبار» أن الحزب دعا أنصار مرسي كلهم إلى الانضمام للسلسلة لكنه لا يعلم مسبقاً عددهم، غير أنه نفى بشدة أن تكون الحملة قد قررت اللجوء للفكرة رداً على السلاسل البشرية التي أعلنت عنها حملة أبو الفتوح والتي ستمتد على شاطئ النيل في منطقة الجزيرة في القاهرة بالتوازي مع المهرجان الختامي لأنشطة الحملة الدعائية المزمعة اليوم. ولفت إلى أن «التشابه وارد جداً في الأساليب الدعائية».
إلّا أن استعراض القوة بدا أوضح مع الإعلان عن مهرجان لأبو الفتوح في ستاد القاهرة الذي تتسع مدرجاته لمئة وعشرين ألفاً، قبل أن ينقل إلى استاد آخر هو مركز شباب الجزيرة. وهو تعديل فسر من قبل مؤيدي منافسي أبو الفتوح، على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» بأنه عجز عن ملئه بالأنصار. إلّا أن إيمان عبد المنعم، عضو حملة تأييد أبو الفتوح أوضحت لـ«الأخبار» أن التعديل جاء لـ«أسباب أمنية». ولفتت إلى أن الحملة لم تكن تعتزم أصلاً استخدام المدرجات في الدعاية وكانت تستهدف فقط استغلال ارضية الملعب في اقامة مسرح.
وفي موازاة استعراض القوة، حذر محمد مرسي من اندلاع ثورة ثانية في حال تزوير الانتخابات الرئاسية المرتقب إجراؤها يومي الأربعاء والخميس المقبلين. وأكد، خلال لقاء مع عد من رجال الأعمال أمس، أن ثورة ثانية ستندلع خلال ثلاثة أيام وليس ثلاثين عاماً مثلما حدث في الثورة الأولى، في حال حدوث تزوير للانتخابات الرئاسية و«أجمعت كل الجهات الرقابية على حدوث التزوير». وأضاف «أدعو الجماهير حال حدوث تزوير والتأكد من هذا باجماع كل الآراء بالنزول الى الميادين»، مؤكداً أن الثورة حتى الآن سلمية و«من يفكرون في اللعب بالنار ستحرقهم أولاً». ولمح مرسي إلى ما اعتبره «محاولات ابتزاز في العملية الانتخابية»، فيما لم يكشف عن المُبتزِّين ومن يُمارس الابتزاز، غير أنه أكد «أنه ليس من حق أي مرشح لم يفز في الانتخابات أن يدعي تزويرها».
واللافت أن تحذير مرسي من التزوير قابله اعلان دار الإفتاء المصرية رفضها تقديم رشاوى للناخبين للحصول على أصواتهم، مؤكدةً «حُرمة تقديم رشى انتخابية» للتأثير في إرادة الناخبين استغلالاً لفقرهم وحاجتهم الشديدة للمال، بعدما تناولت تقارير صحافية على مدى الأيام الماضية تقديم أنصار عدد من المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية مواد تموين وسلعاً غذائية في أكياس بلاستيكية تحمل اسم وصورة المرشحين «كهدايا» لأعداد كبيرة من المواطنين في القاهرة والمحافظات المصرية.
وطالبت دار الفتوى جميع المرشحين بأن يكونوا أمناء مع أنفسهم في حين اكتفى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، المشير حسين طنطاوي، ورئيس مجلس الوزراء كمال الجنزوري، أمس، ببحث الترتيبات والتجهيزات اللوجستية والأمنية التي توفرها الحكومة للانتخابات، بحضور رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان، ووزراء العدل والداخلية والإعلام والتخطيط والتعاون الدولي.
في هذه الأثناء، أعلن الائتلاف العام للطرق الصوفية دعم المرشح حمدين صباحي في تطور من شأنه تعزيز موقعه في السباق. وذكر الائتلاف، الذي تم إنشاؤه عقب الثورة ويضم أكثر من 50 طريقة صوفية أشهرها البرهامية والرفاعية والأحمدية، أنه دعم صباحي لأنه لا ينتمي لجمعية الإخوان المسلمين أو التيار السلفي أو مناصر لهم، فيما كشف الشيخ صفوت بركات، القيادي في حملة المرشح المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل، أن الأخير سيعلن دعمه لأبو الفتوح في مؤتمر صحافي يعقده غداً.