القاهرة | نشاط مكثف بذله المرشحون للانتخابات الرئاسية المصرية، أمس، قبل ساعات من بداية الصمت الانتخابي التي أقرها القانون المنظم للانتخابات الرئاسية، والتي فرض فيها ضرورة التوقف عن أي دعاية انتخابية سواء بالمؤتمرات الشعبية في الشوارع أو في الحوارات التلفزيونية أو الإذاعية أو الصحافية لأي من المرشحين. فقبل 48 ساعة من بدء الاقتراع وحتى إعلان النتائج، أي بداية من اليوم وحتى نهاية يوم الاقتراع الخميس المقبل، من المفترض أن يلتزم المرشحون للرئاسة بـ «الصمت الانتخابي».
وحاول كل مرشح للرئاسة استغلال الساعات المتبقية في فترة الدعاية الإنتخابية، التي بدأت في 30 نيسان الماضي، واستمرت لثلاثة أسابيع. جماعة الاخوان المسلمين قررت إبراز مدى قوتها وقدرتها على الحشد في الشارع، فنظمت أمس 25 مؤتمراً انتخابياً في 25 محافظة مختلفة في توقيت واحد. وبينما شارك مرشح الجماعة محمد مرسي في مؤتمر العاصمة وزعت الجماعة قياداتها على باقي المحافظات.
أما المرشح الرئاسي حمدين صباحي، فقرر أن يختتم نشاط حملته بجولة في أتوبيس مكشوف يمر بعدد من أحياء القاهرة وسط حشد كبير من أفراد حملته والمؤيدين له. من جهته، قرر المرشح عمرو موسى إنهاء دعايته الانتخابية بمؤتمر صحافي، فيما أنهى المرشح للرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح، حملته بالظهور في استوديو قناة النهار مع الإعلامي محمود سعد بالتزامن مع اعلان حملته عن تنظيم 100 قافلة تطوف أغلب المحافظات، داعية المصريين لتأييد أبو الفتوح. ومع اقتراب يوم الاقتراع، تزايدت التخوفات من وقوع تجاوزات قد تصل إلى حد التزوير، لصالح أحد المرشحين. إلاّ أن الأمين العام للجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية، المستشار حاتم بجاتو، قال في مؤتمر صحافي أول من أمس، إن «اللجنة ليست لها مصلحة في تزوير الانتخابات». واعترف بجاتو بصعوبة تنقية جداول الناخبين من المتوفين، «لأن شهادات الوفاة تنقصها بعض البيانات». وأضاف «لذلك لا نستطيع حذف أسمائهم لأنه قد يحذف معه أشخاص يحق لهم التصويت بسبب تشابه الأسماء».
كذلك، اعترف بوجود أسماء لضباط ومجندين في الجيش في جداول الناخبين، لافتاً إلى أنه «تم اتخاذ قرار سريع لحل تلك الأزمة، ومراجعة قاعدة البيانات الخاصة بكشوف الناخبين بسبب ذلك». وأكد أن اللجنة وضعت عدداً من الاجراءات من أجل سلامة الانتخابات وضمان نزاهتها، منها أن يتم تسليم مندوب كل مرشح نسخة من محضر الفرز في مراكز الاقتراع الفرعية موقعة من رئيس لجنة الاقتراع.
بدوره، عقد وزير الداخلية محمد إبراهيم مؤتمراً صحافياً استعرض فيه خطة وزارته لتأمين العملية الانتخابية، لافتاً إلى أنه تم تحديد المناطق التي من المتوقع أن تشهد أحداث عنف بسبب شدة المنافسة أو لمشاكل طائفية أو قبلية، ومن المقرر أن يتم تشديد التواجد الأمني فيها، تفادياً لوقوع أي اشتباكات.
ووفقاً للجنة العليا للانتخابات يبلغ عدد الناخبين الذين لهم حق التصويت 50 مليون و 407 آلاف و266 ناخباً داخل مصر وفي الخارج 585 ألفاً و804 ناخبين بإجمالي حوالي 51 مليون ناخب. وجاءت القاهرة والجيزة والشرقية والاسكندرية من أكثر المحافظات كثافةً من حيث الناخبين. وأشارت اللجنة المشرفة على الانتخابات إلى أن مراكز الاقتراع العامة وصلت إلى 351 مركزاً، بينما وصل عدد المراكز الفرعية الى 13 ألفاً و97 مركزاً. وأكدت أنه تم انتداب 13 ألفاً و97 قاضياً للمراكز الفرعية، و 1100 قاض في المراكز العامة.
كذلك أعلنت اللجنة أن 60 منظمة ستراقب الانتخابات الرئاسية. وفي السياق، قال سكرتير عام نقابة الصحافيين، كارم محمود، إن اللجنة العليا للانتخابات منحت 1100 صحافي مصري تصريحات لتغطية عملية الاقتراع من داخل اللجان الانتخابية على مستوى الجمهورية.
أما السفير إسماعيل خيرت، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، وهي الجهة المخول لها تنسيق اعتماد المراسلين الأجانب الراغبين في تغطية الانتخابات، فأوضح أن عدد المراسلين الأجانب الذين طلبوا التغطية بلغ 923، جزء منهم مقيم أصلاً في مصر فيما سيأتي القسم الثاني خصيصاً لتغطية الانتخابات.
في هذه الأثناء، أطلت الموازنة العسكرية، برأسها مجدداً عبر الاعلان الدستوري المكمل الذي يعتزم المجلس العسكري اصداره. ونشرت صحيفة «المصري اليوم»، إحدى أوسع الصحف انتشاراً، ما قالت إنها ملامح مسربة للاعلان الدستوري المكمل والتي نصت على أن «يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنظر في كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بالقوات المسلحة، وتُناقش بنود ميزانيتها من خلال لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب، على أن تكون المناقشة سرية وغير معلنة، ويتم إدراج موازنة القوات المسلحة رقماً واحداً في موازنة الدولة». كما يختص المجلس العسكري «بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة قبل اصداره، ورئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الشعب».
وهو ما عقب عليه وكيل مؤسسي حزب الدستور، محمد البرادعي، في تغريدة على «تويتر» قائلاً «إذا تضمن الاعلان الدستوري شرط موافقة الجيش على القوانين الخاصة به وكذلك على اعلان الحرب وتفويضه في صفقات السلاح سيكون الجيش دولة فوق الدولة».
أما أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاهرة، جابر جاد نصار، فاعتبر أن صدور الاعلان الدستوري المكمل على هذا النحو يشكل «انحرافاً في ممارسة السلطة، فالمجلس العسكري نصّب نفسه بهذا خصماً وحكماً». وأوضح أن المجلس العسكري يهدف إلى تأمين وضع خاص للجيش. «أما ما يقوله عن ضرورة تحديد اختصاصات رئيس الجمهورية قبل ممارسته سلطاته، فلا أساس له من الصحة كون الاعلان الدستوري الحالي يتضمن اختصاصات الرئيس بالفعل وينص في المادة 56 على أن تنتقل اختصاصات المجلس العسكري للرئيس الجديد فور انتخابه».
وهو نفس ما يذهب اليه صبحي صالح وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، اذ قال لـ «الأخبار»، إن المجلس العسكري سيعرّض نفسه للمساءلة القانونية بعد انتهاء الفترة الانتقالية في حال أقدم على اصدار مثل هذا الاعلان. ولفت إلى أن «المجلس العسكري لم يصدر الاعلان الحالي إلاّ في غياب السلطة التشريعية».
وأكد صالح أن حزبه لن يقبل بأن يحرم البرلمان من تعيين الوزراء في الحقائب السيادية، وهو ما تضمنته ملامح الاعلان الدستوري المسربة بخلاف حق مجلس الشعب في سحب الثقة من الحكومة، وحق رئيس الجمهورية في حلّ مجلس الشعب، وفي تعيين النائب العام وشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية.
وفي السياق، أرجأت قيادات الأحزاب اجتماعهم الذي كان مقرراً عقده اول من امس إلى اليوم لاعداد مقترحات بمواد الإعلان الدستوري المكمل. وقال وحيد عبد المجيد، عضو مجلس الشعب المكلف تلقي المقترحات، لـ «الأخبار» إن قيادات تلك الاحزاب لم تبت إلى الآن رأيها في ما يتعلق باصدار المجلس العسكري اعلاناً دستورياً مكملاً من حيث المبدأ.