رغم وفاة المُتّهم الوحيد في قضية لوكربي عبد الباسط المقرحي، إلا أن هذه القضية لا تزال عالقة بين من يريد إقفالها ومن لم يدع إلى إعادة المحاكمة. فقد أعلن المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي، محمد الحريزي، أمس، أن ملف لوكربي «لن يُقفَل»، بينما رفض رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إمكانية فتح تحقيق جديد في القضية.
ودُفن المقرحي، الذي توفي متأثراً بمرض السرطان أول من أمس عن عمر يناهز الستين عاماً، في طرابلس العاصمة، بحضور عشرات من أقربائه وعدد من الصحافيين. ولم يُسجّل وجود لقوات الأمن أو لمسؤولين ليبيين. كذلك لم تهتم محطات التلفزة الرئيسية الثلاث في ليبيا بوفاته ولا حتى بجنازته، حيث يركز الناس على أول انتخابات من نوعها بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي.
وكان بضعة مسؤولين من عهد القذافي بين نحو 150 مشيعاً، غالبيتهم من أقارب المقرحي، الذي رأى كثيرون أنه يذكّرهم بحكم القذافي حين ظلت ليبيا دولة معزولة وعانت من العقوبات الدولية على مدى سنوات. لكن في لحظة مواراة الجثمان في الثرى، هتف أحد أقربائه: «إنه بريء إنه بريء إنه مجاهد».
وعن ملف لوكربي، قال الحريزي لوكالة «فرانس برس»: إننا «في ليبيا من مصلحتنا عدم إقفال هذا الملف والتوصل إلى الحقيقة في هذه القضية»، مضيفاً: «نحن نريد أن نعرّي جرائم (الزعيم الليبي الراحل معمر) القذافي التي آذى بها شعبه».
أما صحيفة «الغارديان»، فقد نقلت، أمس، عن كاميرون قوله إن الدعوى القضائية التي دانت المقرحي «أُجريت بنحو صحيح، وإن نبأ وفاته بعد سنتين و9 أشهر من إخلاء سبيله ينبغي أن تكون وقتاً لتذكّر الضحايا البالغ عددهم 270 شخصاً الذين لقوا حتفهم في العمل الإرهابي المروّع عام 1988».
لكن الصحيفة نفسها ذكرت أن الوزير الاسكتلندي الأول، أليكس سالموند، أكد أن حكومته، التي اتخذت قرار الإفراج عن المقرحي في آب 2009 لأسباب إنسانية، لا تزال منفتحة على تقديم أقارب الليبي الراحل أو الناشطين استئنافاً جديداً ضد إدانته قبل 11 عاماً.
وأشارت «الغارديان» إلى أن النائب العمالي راسل براون، الذي يمثل بلدة لوكربي الاسكتلندية، قال «إن هناك مسائل لم يُرَدّ عليها بشأن تفجير الطائرة، كذلك إن وفاة المقرحي تعني أن إمكانية الحصول على الحقيقة الكاملة عن الكارثة قد تكون ماتت معه». ولفتت «الغارديان» إلى أن «حملة العدالة للمقرحي» أصدرت بياناً حمل تواقيع 41 من الشخصيات العامة والصحافيين، من بينهم الأسقف دزموند توتو، وكبيرة مراسلي «بي بي سي» السابقة كيت إيدي، ورئيس تحرير مجلة «برايفت آي» إيان هيسلوب، وأرفع شخصية دينية كاثوليكية في اسكتلندا الكاردينال كيث أوبراين، والبروفيسور الأميركي ناوم تشومسكي. وأضافت أن البيان طالب بإجراء تحقيق مستقل في إدانة المقرحي، ورأى أن محاكمته استندت إلى حكاية خيالية افتقرت إلى أدلة مباشرة دعمت إدانته.
من جهة ثانية، أعلن مصدر قضائي أمس لوكالة «فرانس برس»، أن رئيس جهاز الاستخبارات الليبي سابقاً عبد الله السنوسي المعتقل منذ آذار الماضي في موريتانيا، اتهم بـ«تزوير وثائق سفر» والدخول بطريقة غير قانونية إلى البلاد، ثم أودع السجن في نواكشوط. وأضاف هذا المصدر، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن السنوسي الذي كان قيد التوقيف الاحتياطي منذ اعتقاله، اتهمه قاضي تحقيق موريتاني ليل الأحد ــ الاثنين، واقتيد «إلى السجن حيث أودع في زنزانة أُعدت خصيصاً له قبل محاكمته التي لم يتحدد موعدها بعد». وتسعى كل من ليبيا وفرنسا والمحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف بحق السنوسي لتسلمه.
(يو بي آي، أ ف ب)