القاهرة | بعدما كان مقرراً أن تعلن مشيخة الطرق الصوفية عن مرشح واحد تقف خلفه كل التيارات الصوفية وتدعمه، جرى التراجع عن ذلك. وقررت المشيخة أن تقف على مسافة واحدة من كل المرشحين، «حرصاً على حيادها»، وهو الموقف نفسه الذي اتخذه الأزهر الشريف قبلها. وفيما يرجح أن يكون موقف الأزهر قد أثّر في المشيخة الصوفية لاتخاذ هذا القرار، أصرّت نقابة الأشراف على اتخاذ الموقف نفسه أيضاً، مشيرةً إلى أن «عمرها 1200 سنة ولا يصح لمؤسسة عريقة مثل نقابة الأشراف أن تتوجه لمرشح ما». ووضع مشايخ الطرق الصوفية عدداً من الشروط، داعين الأنصار إلى التزامها أثناء اختيار مرشحهم للانتخابات الرئاسية ومنها «ألا يكون مرشحاً إسلامياً متشدداً، وسبق له أن اتخذ موقفاً معادياً للطرق الصوفية»، بالإضافة إلى أن يكون لدى المرشح رؤية وفهم في السياسة والقانون، وأن يكون عارفاً بواجباته وحقوق شعبه، مؤيداً للحرية والعدالة والمساواة. ومن بين الشروط أيضاً أن يكون المرشح قادراً على إعادة العلاقات المصرية _ الإيرانية منذ بداية توليه منصب الرئيس، وأن يتضمن برنامجه وأفكاره رؤية ثاقبة عن الوضع المصري الراهن والمستقبلي، وكذلك الأوضاع الصوفية بصفة خاصة، وبالتالي لن يلتفت إلى الانتماءات الحزبية والسياسية التي ينتمي إليها المرشح. كذلك يشترط الصوفيون أن يكون لدى المرشح الرئاسي المتفق عليه خطة حقيقية عاجلة لمواجهة الانفلات الأمني والأخلاقي. واشترطوا أن يقف المرشح على مسافة واحدة بين المسلمين والأقباط المصريين، ويحقق الدولة المدنية الحديثة، ويقضي على الخلافات المذهبية بين المسلمين.
ويعرف المرشحون أهمية أصوات المريدين الصوفيين. فحسب إحصاءات عدة، يصل تعدادهم إلى 15 مليون صوفي، ليؤلفوا كتلة ترجّح كفة أي مرشح يحظى بثقتهم، ولا سيما بعدما تمت المصالحة بين التيارين الكبيرين في الجماعة الصوفية، جبهة الإصلاح التي يرأسها الشيخ علاء الدين أبو العزايم، وجبهة الشيخ عبد الهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية. لذلك، حرص مرشحون مثل أحمد شفيق وعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي على زيارة مشيخة الطرق الصوفية، وعرض برامجهم على المشايخ، طالبين دعمهم.
وشُغلت قيادات الطرق الصوفية خلال الفترة الماضية في التفضيل بين عدد من المرشحين، أبرزهم أحمد شفيق وعمرو موسى وحمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح. وانقسموا بنحو واضح بين شفيق وموسى، بعدما كانوا قد لمّحوا في بداية موسم الانتخابات إلى دعمهم للمرشح عبد المنعم أبو الفتوح. إلا أن إعلان السلفيين تأييده أثار تخوفات لديهم من أن يكون قد أعطى ضمانات للتيار السلفي بما يهدد مدنية الدولة.
وكان للمرشح حمدين صباحي نصيب هو الآخر من أصوات الصوفيين، فأعلن ما يسمى «الائتلاف العام للطرق الصوفية» دعمه، مؤكداً أنه اتخذ هذا القرار «بعد عدة جلسات ومشاورات مع أغلب أعضاء الائتلاف»، لأنهم وجدوا فيه المعايير التي وضعها لاختيار المرشح، وفي مقدمتها ألا يكون منتمياً إلى الإخوان المسلمين أو السلفيين أو مناصراً لهم. إلا أن عدداً من مشايخ الصوفية سارعوا إلى نفي وجود تجمع للصوفيين اسمه «ائتلاف الطرق الصوفية». وقال شيخ الساحة الرضوانية بالأقصر زين العابدين أحمد رضوان: «نحن لدينا المشيخة العامة تضم كل الطوائف الصوفية وتدعم مرشحاً واحداً فقط هو أحمد شفيق؛ لأنه يتصف بالأخلاق الكريمة وسماحة القلب والاجتهاد في العمل. إنه ابن الصوفية البار». كذلك قال الشيخ عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، أمام جميع المشايخ الحاضرين أثناء زيارة شفيق للمشيخة: «باسم مشايخ الطرق الصوفية، نؤيد أحمد شفيق رئيساً لمصر»، وهو ما أعلنه أيضاً الشيخ علاء الدين أبو العزايم، أحد كبار أئمة الطرق الصوفية ومؤسس حزب التحرير المصري، والداعم لائتلاف الأحزاب الصوفية الثلاثة، باعتبار شفيق «الأفضل لقيادة مصر».
ومن المتوقع كذلك أن تتجه بعض أصوات الطرق الصوفية لمصلحة المرشح عمرو موسى، بعدما أعلن الشيخ طارق الرفاعي، شيخ الطريقة الرفاعية، أنه سيؤيد موسى رئيساً للجمهورية؛ لأنه «يستطيع إدارة المرحلة القادمة بقبضة حديدية كالديكتاتور». وهو ما ذهب إليه الشيخ مصطفى الهاشمي، شيخ الطريقة الهاشمية الشاذلية المدنية؛ إذ أعلن تأييده لموسى مرشحاً لرئاسة الجمهورية؛ لأنه «رجل المرحلة».