القاهرة | فيما استمرت المعارك الانتخابية بين المتنافسين في السباق الرئاسي على أشدها لآخر لحظة قبل اقفال التصويت في اليوم الثاني والأخير من الانتخابات الرئاسية الأولى منذ اطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، بدا الأمر مختلفاً على صعيد الناخبين أنفسهم. فعلى عكس كل التوقعات حيال أول انتخابات رئاسية لا يعلم المصريون نتيجتها مسبقاً، جاء الاقبال على التصويت أقل من المتوسط بل وضعيفاً جداً في بعض اللجان، حسبما اتفقت تقارير منظمات المجتمع المدني المشرفة على الانتخابات.
وفي حين رفض عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات الرئاسية، حاتم بجاتو، تحديد نسبة المشاركة، مؤكداً لـ«الأخبار» أن الوقت لا يزال مبكراً لتحديد دقيق في هذا الصدد، قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات، القاضي فاروق سلطان، ان «مؤشرات نسبة الإدلاء بالأصوات تصل إلى قرابة 50% ممن لهم حق التصويت فى تلك الانتخابات»، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.
من جهةٍ ثانية، أوضح بجاتو أن «المحكمة الدستورية العليا (التي ستقرر سريان قانون العزل السياسي الذي كان البرلمان قد أصدره بحق من تولوا عدداً من المناصب في عهد مبارك) هي من سيقرر كيفية تنفيذه حيال الانتخابات (التي خاضها أحمد شفيق أحد من سينطبق عليهم العزل) في حال مررت القانون وفي حال فاز شفيق».
وتصدر المشهد الانتخابي أمس الصراع بين المرشحين المستقلين اللذين ينظر لهما كمقربين لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وللمجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى وآخر رئيس وزراء مبارك أحمد شفيق. وبينما قال موسى في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إنه ينتظر تنازل شفيق عن الترشح لصالحه، ردت حملة شفيق الانتخابية ببيان نفت فيه تنازل مرشحها. وأكدت أن شفيق «مستمر في السباق الرئاسي حتى النهاية وبات قاب قوسين من حسم الانتخابات من الجولة الأولى». وأشارت إلى أنها «تقدر الحالة النفسية للسيد عمرو موسى نظراً لخروجه المبكر من السباق ومخالفة كافة التوقعات التى سبق أن أعلن عنها».
وفي السياق، اتهم المتحدث الرسمي باسم حملة شفيق الانتخابية، أحمد سرحان، في تصريحات لـ«الأخبار» حملة منافسه محمد مرسي، مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالوقوف خلف حادثة الاعتداء على شفيق مساء أول من أمس حين ألقى محتجون حجارة وأحذية صوب المرشح في أعقاب إدلائه بصوته في لجنة انتخاب في ضاحية القاهرة الجديدة في شرق العاصمة، مرددين هتافات تندد بالحكم العسكري. إلّا أن سرحان قال إن الحادثة أثرت إيجابياً على فرص مرشحه «بعدما بدا للناس مدى دناءة المؤامرة التي يحيكها الإخوان ضده».
في المقابل، اتهم رئيس اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة، مختار العشري، حملة شفيق بالوقوف خلف كل أشكال الدعاية المحظورة التي نسبت لحملة مرسي، اذ لا تزال فترة الصمت الانتخابي ممتدة وفقاً لقانون الانتخابات الرئاسية. وأوضح العشري لـ«الأخبار» أن أعضاء حملة مرسي الانتخابية استطاعوا القبض على مجهولين انتهكوا حظر الدعاية لصالح مرسي وتبين بعد تسليمهم للشرطة أنهم ينتمون لحملة شفيق، واصفاً الأمر برمته بأنه «أسلوب رخيص لتشويه صورتنا».
وكان بجاتو قد أشار إلى أن كل المرشحين تقريباً انتهكوا حظر الدعاية، موضحاً أن لجنته لا تزال تحقق في الشكاوى في هذا الصدد. هذه الانتهاكات بدت بطبيعة الحال محدودة جداً قياساً إلى الانتهاكات في الانتخابات قبل الثورة. وانحصرت المشادات بين المرشحين في معظمها في اطار العنف اللفظي. وأكد بجاتو أن العقوبة في حال إثبات المخالفة ستقتصر على الغرامة التي تراوح بين خمسين ألف جنيه و200 الف جنيه. وتتماشى العقوبة مع التعديلات التي أدخلها البرلمان على قانون الانتخابات الرئاسية قبل أيام من بدء السباق الرئاسي. وبعدما أبطلت المحكمة الدستورية العليا تعديلاً سابقاً كان يستهدف إلغاء الصمت الانتخابي برمته، خفف البرلمان العقوبة على انتهاك الصمت الانتخابي من الحبس إلى الغرامة.
من جهتها، رصدت منظمات حقوقية حوادث متفرقة بينها محاولات من ضباط جيش، ممن يشرفون مع الشرطة على تأمين الانتخابات، للتأثير على الناخبين وتكرار محاولة نسوة منقبات التصويت عن أخريات كما حدث في الانتخابات البرلمانية السابقة.
وقالت تقارير متوالية أصدرها تحالف «حرة نزيهة»، الذي يضم 70 جمعية أهلية تراقب الانتخابات في أنحاء مصر من خلال عشرة آلاف مراقب، ومنظمة «عالم واحد للتنمية» إن الدعاية المحظورة اعتمدت على سيارات ودراجات بخارية تجوب الشوارع بين اللجان وتحمل شعارات المرشحين، وما يسمى لجان الوعي الانتخابي التي تعتمد على استخدام حواسيب شخصية من قبل أعضاء الحملات الانتخابية بالقرب من اللجان الانتخابية لإرشاد الناخبين مقدماً لأرقامهم المسلسلة من واقع الجداول الانتخابية، بخلاف توزيع الأوراق الدعائية للمرشحين.