وافق المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري المعارض، أول من أمس، على استقالة رئيسه برهان غليون، على أن يظل في منصبه حتى تنظيم انتخابات جديدة في 9 حزيران. وأكد المكتب التنفيذي، في بيان أصدره إثر اجتماعه في اسطنبول مساء الأربعاء، أنه «ناقش رسالة رئيس المجلس التي وضع فيها استقالته (...) وقرر قبول الاستقالة والطلب من رئيس المجلس مواصلة مهماته إلى حين انتخاب رئيس جديد في اجتماع 9 و10 حزيران». وأقرّ غليون، في مقابلة أمس، بأن المجلس الوطني «لم يتمكن من أن يرقى الى تضحيات الشعب السوري»، مشيراً الى أنه تخلى عن مهماته خصوصاً بسبب «انقسامات» بين الإسلاميين والعلمانيين. وقال غليون، بعدما أمضى سبعة أشهر في رئاسة المجلس، «لم نتمكن من أن نرقى الى تضحيات الشعب السوري. بالتأكيد لم نلبّ بالسرعة الكافية وبشكل كاف احتياجات الثورة».
ووصلت الصراعات الداخلية الى القمة على المنصب، الذي كان يشغله غليون المدعوم من الإخوان والذي عرض الأسبوع الماضي الاستقالة من رئاسة المجلس الذي يضم 313 عضواً إذا تمكن الأعضاء من الاتفاق على خلف له. ويهيمن الإسلاميون بالفعل على المجلس الوطني السوري، لكنهم منقسمون بين الإخوان المسلمين وفصائل أخرى.
وقبل أسبوع، أعلن برهان غليون انسحابه من رئاسة المجلس فور اختيار بديل له، تجنباً لمزيد من الانقسام، بعد انتقادات حول إعادة انتخابه للمرة الثالثة وهيمنة جماعة الإخوان المسلمين على قرار المجلس، الذي يضم عدداً كبيراً من المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد.
وغليون أستاذ في علم الاجتماع في جامعة السوربون في فرنسا، حيث يقيم منذ نحو ثلاثين عاماً. وقد اختير رئيساً للمجلس لدى تأسيسه في تشرين الأول على أساس قدرته على الجمع بين أطياف المعارضة المتنوعة من إسلامية وليبرالية وقومية ومستقلة. وجرى التمديد له من المكتب التنفيذي في شباط الماضي، قبل أن تنتخبه الأمانة العامة للمجلس الاثنين رئيساً لولاية جديدة من ثلاثة أشهر، بأكثرية 21 صوتاً مقابل 11 للمرشح المنافس جورج صبرا، القيادي في حزب الشعب الديموقراطي أحد مكونات تجمع إعلان دمشق.
وأثارت إعادة انتخابه انتقادات من بعض أركان المعارضة الذين نددوا بـ«الاستئثار بالقرار» وبعدم احترام التداول الديموقراطي. كما انتقدوا محاولة جماعة الإخوان المسلمين، أحد أكبر مكونات المجلس، الهيمنة على قرار المعارضة. وهو ما عبرت عنه قوى إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي، فيما هددت لجان التنسيق المحلية من جهتها بالانسحاب من المجلس.
وعبرت اللجان عن «الأسف لما آلت إليه الأمور في المجلس الوطني السوري والتي تعكس ابتعاده وابتعاد المعارضة السورية عموماً عن روح الثورة السورية ومطالبها وتوجهاتها نحو الدولة المدنية والديموقراطية ونحو مبادئ الشفافية وتداول السلطة المرجوة في سوريا الجديدة». وكان بعض أعضاء المجلس الذين قدموا استقالاتهم قبل أشهر قد انتقدوا عدم التنسيق الكافي مع الناشطين على الأرض، ومحاولة الإخوان المسلمين احتكار كل المساعدات التي تصل الى المجلس لتقوية نفوذها على الأرض. ويقول البعض إن المجلس في حاجة إلى توضيح سياسته في ما يتصل بخطة كوفي أنان التي تنص على إجراء محادثات مع السلطات بشأن خطة انتقالية، لكن دون إقصاء عائلة الأسد أو تفكيك أجهزة الدولة. ويعتقد آخرون أن المجلس سينهار ما لم يُجرِ إصلاحاً جذرياً.
(الأخبار، ا ف ب)