في «برلين فلسطين»، بلدة العيزرية شرقي القدس المقسومة بجدار الفصل العنصري، وفي «شقها» الشرقي، يقطن الصحافي الرياضي والمصور محمد أبو غيث المعروف بمحمد الألماني. وهو شاب مصاب بهوس بكل ما يمت لألمانيا بصلة: كرة القدم، الأغاني،التاريخ..الخ. افتتن بألمانيا عبر كرة القدم وتطور هذا الافتتان إلى هوس لدرجة أن محمد تعلم اللغة الألمانية وأصبح بمستوى «توفل» فقام بتصوير فيلم «حُمّى» يتحدث فيه عن هوسه بألمانيا والمضايقات التي تعرض لها أثناء صغره بسبب هوسه الذي تضايق منه البعض وتفهمه البعض.

محمد خفيف الظل إلى درجة عالية حيث قال في الفيلم: «بعد خسارة ألمانيا في كأس العالم عام 1994 صارت ضجة إعلامية كبيرة في الحارة».
يفسر محمد هذه الضجة وأسبابها بأن ألمانيا لم تخسر في أدوار قبل النهائية في أمم أوروبا أو كأس العالم إلا أمام بلغاريا عام 94، وهذا جعله يستغرب فالكل في العيزرية «قبل التقسيم» كانوا لا يتحدثون سوى بموضوع ألمانيا.
خسرت ألمانيا خسرت.
محمد كان يبلغ من العمر 7 سنوات عندما حدثت هذه الضجة الإعلامية فشغف بمعرفة ألمانيا حتى فازت بعد عامين بإحدى البطولات، ومن يومها ازداد شغفه ببلاد «غوته» حتى قام بتصوير فيلم «حُمّى» الذي عُرض في 4 مدن ألمانية.
حصل محمد على فيزا بسهولة وأمضى ما يقارب العام في ألمانيا بين تعلم وتدرب في مؤسسات إعلامية، محمد عندما أراد أن يحصل على فيزا لزيارة ألمانيا سأل الموظف «أحجز التذكرة؟» حتى قبل أن ينهي الموظف تعبئة الطلب، فأجابه بأن يحجزها لأن الموافقة قادمة فهو ألماني فلسطيني بامتياز أو فلسطيني (VIP) بالنسبة للألمان بالإضافة إلى متابعته المستمرة لجميع نشاطات مركز «غوته» الثقافي الألماني في رام الله.
يستطيع محمد أن يعدد لك مقاطعات ألمانيا وتاريخها ومؤرخيها وأسباب تقسيمها ولهجاتها وعواصمها وسكانها وأهم نتاجاتها وحتى أسماء فرق الدوري الألماني ولاعبيها وصفات مشجعي هذه الأندية، فضلاً عن معرفته بتاريخ ألمانيا كله منذ أيام القبائل الجرمانية، وأن 6 ملوك ألمان حكموا المملكة الرومانية المقدسة والقصص الشعبية، محمد عبارة عن موسوعة متنقلة بكل ما يخص ألمانيا.
محمد أصبح ألمانيا حتى بوجوده في العيزرية، فهو يستعيد هناك حياة أهالي برلين أيام الجدار...لدرجة أنه يستطيع أن يتجول في بافاريا بسهولة، لكن لا يستطيع أن يزور الجزء الآخر من برلين....عفواً أقصد الجزء الآخر من العيزرية... برلين فلسطين!