حضرة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، دعا «مركز الأمم المتحدة للإعلام» طلاب الجامعات في العالم إلى الاشتراك في مسابقة عالمية لكتابة مسودة خطاب ستدلي به حضرتك خلال افتتاح أعمال الجمعية العامة في أيلول المقبل. في نص الدعوة يطلب المركز الإعلامي من الطلاب «معالجة المسائل الحيوية التي تتمحور حول المسؤوليات التي يمكن الاضطلاع بها تجاه الأشخاص الذين هم من غير أبناء وطننا، (والموجودين في وطننا)، وما هي الحقوق التي يمكن المطالبة بها» لأجلهم.

أولاً، أحب أن أخبرك بأن المقومات التي يطلبها المركز من المشاركين لا أملك منها شيئاً. فأنا لاجئ فلسطيني في وطن غير وطني. أما وطني، فإن من يعيش فيه من «غير أبناء وطني» هو ببساطة من احتل أرضي، ولذلك فالحقوق التي يجب أن أطالب بها من أجلهم، أحرى بي أن أطالب بها من أجلي. رقم بياني الإحصائي 919، ما يعني أنني لا أملك وطناً، أنا لاجئ ابن مخيم في لبنان. ولأجلي ولأجل والدي ومن سيأتي من أولادي، كانت المنظمة التي حضرتك على رأسها قد أصدرت قراراً رقمه 194 يقضي بعودتي إلى قريتي التي هجرت عائلتي منها، وبالمناسبة اسمها «دير حنا». لن أسألك أين أصبح هذا القرار اليوم، فهو مثله مثل كل القرارات التي تدين إسرائيل أو تطالب بحقوق لنا، مرميٌّ في الأدراج. فأنتم لا تستطيعون إدانة إسرائيل بأي عمل تقوم به، وسياستكم لا تطبقونها إلا على الضعيف. أما القوي، فله منظمة أممية تحميه. ثانياً، أنا لست طالباً جامعياً، ما يعني أنني خالفت الشرط الثاني للمشاركة في هذه المسابقة؛ فأنا لم أستطع إكمال تعليمي، بسبب الظروف المعيشية القاسية. ففي بلد مثل لبنان، لأنك لاجئ وتحمل بطاقة زرقاء، تكون حقوقك الأساسية كإنسان مهدورة. يضاف إليها الشعور بالإحباط والوضع المعيشي «الزفت» اللذين يقتلان فيك الأمل؛ ففي المخيمات، حتى لو كنت طبيباً أو مهندساً أو محامياً، فأنت ممنوع من العمل خارج حدود المخيم، وذلك في البلد الذي يفتخر أبناؤه بأنهم شاركوا في صياغة شرعة حقوق الإنسان.

حضرة الأمين العام،

تنص المادة الـ17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، كذلك لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً. وتنص المادة الـ23 من الإعلان نفسه على أنه لكل شخص الحق في العمل. لكن يا سيد بان كي مون، في البلد الذي لجأت إليه عائلتي لا يمكنني أن أمتلك منزلاً يؤويني، لأن ذلك بحسب رأيهم سيُسهم في التوطين الذي بالمناسبة نرفضه نحن الفلسطينيين قبل أن يرفضه أي أحد آخر. وبالتالي فبيتنا الذي اشترته والدتي اللبنانية، لا يمكنها أن تورثه لنا. تماماً كما جنسيتها. ربما وصلتك تقارير كأمين عام للأمم المتحدة عن وضعنا. تعرف، لا شك، أنه لا يحق لنا العمل هنا؛ لأن ذلك بحسب رأي بعض اللبنانيين يساهم في توطيننا هنا. مثلاً، في إحدى المرات علّق نائب عن «الأمة» عندما سئل عن إعطاء الفلسطينيين حقهم في العمل قائلاً: «لا نستطيع، ألم تسمعوا بالمثل الذي يقول: محل ما بترزق إلزق؟». لذلك، وحسب رأيه، يجب ألا نسترزق في لبنان كي لا «نلزق» فيه.

حضرة الأمين العام

مشاكلي لا تنحصر في كوني لاجئاً فقط. فجميع ما تتحدثون عنه وما تمثلونه من حقوق إنسان لا يعني في حياتي العملية شيئاً.
ربما، حضرة الأمين العام، كنت تستطيع أنت أن تمارس هذا التمرين الذي طلبت من طلاب العالم أن يمارسوه: ماذا لو كتبت خطاباً، ولو لمرة، تقول فيه ما تستطيع أن تفعله، ككوري جنوبي على الأقل، لشخص من غير وطنك، لكنه ضعيف وليس بقوة إسرائيل؟ ما رأيكم؟