دمشق | مثل كل حدث في سوريا، خضعت مجزرة الحولة في ريف حمص للتحليلات والتناقضات الإعلامية والاتهامات بين الطرفين. من وجهة نظر المعارضة، فإن المسؤول هو الجيش النظامي. وما حدث تلك الليلة، بحسب روايات المعارضين، أن هناك قصفاً مستمراً وحصاراً لتلك المنطقة الواقعة في ريف حمص، فالجيش النظامي كان متمركزاً على الأطراف، وكان معظم عناصره، بحسب مواقع معارضة، من قريتي «القبو وفلة» المواليتين للنظام السوري، بينما الموجودون داخل الحولة هم عناصر من الجيش الحر، فمن غير المعقول أن يعمد الى قصف مدينة هو بداخلها ويرتكب مجزرة بحق أطفال هو موجود بينهم.
الرأي السائد من الطرف الموالي أن الجيش السوري الحر هو المسؤول عن الحدث، فالمنطقة كانت ضمن معركة بين الجيش النظامي وفصائل من الجيش الحر، وخاصة في منطقة الرستن التي يتجمع فيها عدد كبير منهم، وكان هناك حالة جنونية من قبل الجيش الحر أدت بهم إلى ارتكاب مجزرة بحق عائلات تعدّ من الموالين للنظام السوري، وذكر أن الرجال الذين قُتلوا قد ذكرت أسماؤهم من بين المطلوبين للإعدام والقتل على مواقع الجيش السوري الحر.
وبحسب المعارضين، فالمجزرة ارتكبت بعد خروج تظاهرات في تلك المنطقة، فبدأت قوات الجيش السوري بالقصف وإطلاق النار في البداية على منطقة تلدو القريبة من الحولة، ومن ثم قامت القوات باقتحام المدينة.
وجهة النظر الموالية مختلفة عن كيفية حدوث المجزرة، تتحدث عن أن العناصر معظمهم من أهالي العكش، ومروا من منطقة بين الحولة والرستن وهاجموا مراكز حفظ النظام ودخلوا إلى الحولة، وقد تجاوزت سيارات المسلحين 20 سيارة هاجموا بها المراكز ودخلوا وارتكبوا المجزرة، فيما تحدثت روايات أخرى عن قدومهم من مناطق القصير وتلبيسة. وكانت هناك أوامر بعملية عسكرية، بحسب موالين موجودين في حمص للقضاء على الجيش الحر في تلك المنطقة، ودام القتال طوال فترة النهار وحققت فيه قوات الجيش خطوات مهمة، ما دفع هؤلاء العناصر إلى ارتكاب فعلتهم. كما طرحت تساؤلات حول كيفية وجود خالد أبو صلاح في موقع المجزرة وإرساله فيديو مسجل إلى القنوات الفضائية، رغم وجود الجيش وقصفه للمدينة.
إحدى الملاحظات هي في التناقض في أسماء الضحايا، فأحد مواقع المعارضة ذكرت الأسماء مع صور ومقاطع الفيديو، وفي الوقت نفسه ذكرت مواقع موالية ومحطات إذاعية أسماء الضحايا وموقفهم السياسي الموالي.
بالتحليل السياسي للطرف الموالي، فإنه لا مصلحة للنظام بارتكاب مثل هذا الفعل، فهو سيؤدي إلى زيادة الضغط عليه دولياً. ومن أسباب تحميل الجيش الحر المسؤولية، قرب تقديم مبعوث الأمم المتحدة كوفي أنان تقريره، وهو يشبه ما حدث من مجزرة في الخالدية وكرم الزيتون بحمص التي حدثت أيضاً في توقيت يسبق اجتماع مجلس الأمن. ويسأل الكثيرون عن سبب عدم إدانة ما ارتكبته المعارضة المسلحة أيضاً في حمص بحق مجلس عزاء من هجوم مسلح استهدف من كان موجوداً فيه من نساء وعجّز. أما من وجهة نظر المعارضة، فهذه المجزرة هي ضمن خطة النظام لافتعال مشاكل طائفية في البلاد حتى يعمل على إخافة الأقليات وتقديم نفسه على أنه حامٍ لها، وبالتالي إعطاء مبرر لاستمرار النظام بعمليته القمعية والأمنية في التعامل مع المتظاهرين في مختلف المناطق.
وتناولت مواقع إعلامية خطورة ما حدث، ليس فقط من ناحية مشاهد القتلى وإنما من حالة التوتر التي ارتفعت كثيراً، فردة الفعل من الدعوة إلى الانتقام والثأر كانت سائدة بين الطرفين، وخاصة أنها تناولت في معظمها طوائف ومذاهب، ما يدعو إلى التخوف من النتائج البعيدة لهذه المجزرة، يبدو بحسب هذه المواقع أن مرتكبها أراد أن تذهب إليه البلاد.
يتحدث أحد المحللين النفسيين عن خطورة ما حدث خلال ساعات قليلة من المجزرة. ويقول لـ«الأخبار» إن من يشاهد ما يكتب فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، يكاد يعتقد بأننا غداً سنكون أمام حرب أهلية، كل هذا يدل على حالة الاحتقان الموجودة في الشارع السوري.
غياب المشهد الحقيقي عما حدث في الحولة أدى إلى انقسام المجتمع بطريقة متطرفة في مواقفه، فالمشاهد القاسية للضحايا شكلت لدى كل طرف ردة فعل على الطرف الآخر. بعض المعارضين بالنسبة إليهم أن ما قبل مجزرة «حولة» شيء، وما بعدها شيء مختلف، فبرأيهم أن هذا النظام لا حوار ولا تفاهم معه، فهو لا يفهم إلا بلغة الحديد والنار ويجب التعامل معه بهذه الطريقة، والأمور بالنسبة إليهم لا تقبل الشك في مرتكب المجزرة، والأدلة واضحة على ذلك. في الطرف الموالي، كان شعار الحسم العسكري هو الحل الوحيد للتعامل مع المعارضة المسلحة، وقد طرح بعضهم تساؤلات عن سبب تأخر الحكومة والقيادة العسكرية في الحسم الأمني معهم، وخاصة بعد هذه المجازر التي ينفذها عناصر من الجيش الحر، وقد طالبوا بإعلان حالة الطوارئ في البلاد لكي يستطيع الجيش تنفيذ مهمته بصورة تامة.