اكتمل عقد «يوم طرد السفراء السوريين» مع اعلان المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند أن الولايات المتحدة قررت طرد القائم بالاعمال السوري في واشنطن «رداً» على مجزرة الحولة. وقالت المتحدثة ان زهير جبور، الذي يعدّ اعلى دبلوماسي سوري رتبة في واشنطن ابلغ الثلاثاء بأن لديه 72 ساعة لمغادرة البلاد. يذكر أن السفير السوري في واشنطن كان قد غادر الولايات المتحدة في السابق رداً على إغلاق واشنطن سفارتها في دمشق.
وجاءت الخطوة الأميركية بعد تدابير مماثلة اتخذتها العديد من الدولة الأوروبية واستراليا وكندا في محاولة لزيادة الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد، فاعلن الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند طرد سفيرة سوريا في باريس لمياء شكور، وأكد أن اجتماعا لمجموعة «اصدقاء سوريا» سيعقد مطلع تموز في العاصمة الفرنسية، من دون أن يستبعد التدخل العسكري في سوريا، شرط الحصول على إذن مجلس الأمن.
واكدت وزارة الخارجية الفرنسية انه تم تبليغ قرار الطرد الى السفيرة السورية التي اعلنت شخصا غير مرغوب فيه، وكذلك «اثنين من موظفي السفارة». وقال هولاند «اجريت محادثة (الاثنين) مع ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني. وتحادث لوران فابيوس وزير الخارجية مع الامين العام للامم المتحدة (بان كي مون) واتفقنا على ممارسة بعض الضغوط على سوريا». واضاف «انها ايضا سفيرة لدى اليونيسكو (منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم) وسيكون لذلك بالتالي تأثير على سرعة تنفيذ قرار الطرد».
وبعيد ذلك اعلنت وكالة الانباء الالمانية استدعاء سفير سوريا في المانيا لابلاغه بقرار طرده في مهلة 72 ساعة. وتبلغ القائم بالاعمال السوري في لندن الذي استدعته أول من امس وزارة الخارجية البريطانية قرار طرده. ولم يعد لسوريا اي سفير في بريطانيا منذ اشهر عدة، لذلك فإن القائم بالاعمال هو اعلى ممثل لها في المملكة المتحدة.
كذلك اعلنت استراليا ايضا طرد القائم بالاعمال السوري ودبلوماسي آخر، على غرار كندا التي قررت طرد الدبلوماسيين المعتمدين في اوتاوا. واعلنت وزارة الخارجية البلغارية انها ستطرد السفير السوري بالوكالة في صوفيا، صلاح سكر، وكذلك دبلوماسيين اثنين آخرين. واوضحت الوزارة في بيان انه سيتم تبليغ صلاح سكر القائم بالاعمال السوري في صوفيا مع دبلوماسيين آخرين مغادرة البلاد في غضون الـ72 ساعة المقبلة. كذلك اعلن وزير الخارجية الهولندي يوري روزنتال سفير سوريا الذي يتولى من بروكسل تمثيل بلاده في هولندا وفي بلجيكا «شخصاً غير مرغوب فيه» في هولندا. واوضحت وزارة الخارجية في بيان ان لاهاي «لن تستقبل بعد الآن» محمد ايمن جميل سوسن الذي يمثل بلاده في بلجيكا وهولندا ويقيم في بروكسل. كذلك اعلنت سويسرا أن السفير السوري - وهو ايضا سفير بلاده لدى فرنسا - شخص غير مرغوب فيه.
وفي بروكسل، صرح دبلوماسي اوروبي بأنه لا يوجد في هذه المرحلة اي تنسيق للطرد على مستوى الاتحاد الاوروبي. لكن دبلوماسياً اوروبياً في باريس صرح بأن القرار هو موضع تشاور على الاقل بين باريس وبرلين ولندن. وذكر الدبلوماسي في بروكسل أن سفراء الدول الاتحاد الاوروبي الـ27 «عبروا بانتظام عن مواقف متباينة حول ضرورة الاحتفاظ بعلاقات دبلوماسية مع دمشق». وتعتزم رومانيا وبولندا التي تمثل مصالح الولايات المتحدة، ابقاء سفيريهما في دمشق.
ورحب المجلس الوطني السوري المعارض بقرار هذه الدول طرد دبلوماسيين سوريين. ودعا المجلس الوطني السوري المجتمع الدولي الى اصدار قرار في مجلس الامن يتيح استخدام القوة لمنع «عمليات الابادة والقتل» في سوريا.
وبعد مجزرة الحولة اكدت باريس مجدداً ضرورة تنحّي الرئيس السوري عن الحكم. وقال وزير الخارجية الفرنسي الجديد لوران فابيوس ان «بشار الاسد هو قاتل شعبه ويجب ان يرحل عن الحكم» و«كلما اسرع في ذلك كان افضل». وردا على سؤال حول تسليم الاسلحة للمعارضة اذا دعت الولايات المتحدة إلى ذلك، قال فابيوس «نحن لسنا بالتأكيد في هذا الوارد». وقال اخيراً «ليس هناك اي دولة مستعدة للتفكير اليوم بعملية برية» في سوريا، مضيفا أن «هناك مخاوف من مخاطر حصول امتداد اقليمي لا سيما الى لبنان».
بدوره، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من امتداد الأزمة في سوريا إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وعلى الأخص إلى لبنان. ونقلت وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي) عن لافروف قوله، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية بيرو، رافاييل رونكاغليولو، «أدهشتنا تصريحات رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون الذي دعا قبل أيام جميع القوى المعارضة السورية لمواصلة النضال التحرري حتى إعلان مجلس الأمن الدولي موافقته على التدخل العسكري الخارجي». واعتبر لافروف ذلك «تحريضاً سافراً على حرب أهلية»، مشيرا إلى أن «المجلس الوطني السوري الذي تريد بعض بلدان المنطقة حشد المعارضة السورية بأسرها فيه هو الذي يحرض على ذلك».
وطالبت روسيا الامم المتحدة باجراء تحقيق «موضوعي ومحايد» بشأن مجزرة الحولة. وجاء في البيان الذي نشر بعد مكالمة هاتفية بين لافروف وانان، «في هذه المرحلة يجب اجراء تحقيق موضوعي ومحايد حول كل ما جرى، تحت اشراف مراقبي بعثة الامم المتحدة في سوريا».
في المقابل، قال البيت الابيض إنه لا يعتقد بأن التدخل العسكري في سوريا امر صائب في الوقت الحالي، لأنه سيؤدي الى مزيد من الفوضى. لكن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قال في افادة إن الولايات المتحدة لم تستبعد أي خيارات - بما في ذلك العمل العسكري - في ما يتعلق بالازمة السورية.
(ا ف ب، يو بي آي، رويترز)