رغم تأكيده أن السنوات الثلاث التي تلت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أثبتت صحة تقديرات رئيس الشاباك الحالي، يورام كوهين، حول «تغيير حماس نظريتها القتالية» على خلفية «فشلها»، أقر رئيس الموساد السابق افرايم هاليفي، في مقالة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بأن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق هدف عمليته العسكرية في القطاع آنذاك.
وفيما تحدّث كوهين عن «تبديل (حماس) قادتها وتركيزها للحصول على وسائل قتالية أكثر تطوراً، مع صواريخ ذات مدى أبعد ورؤوس حربية أكبر وأكثر دقة»، بسبب «فشلها»، رأى هاليفي أن جيش الاحتلال لم يتمكن خلال تلك الحرب (2008 ــ 2009) من «إزالة تهديد القطاع عن بلدات الجنوب»، مضيفاً إن دائرة تهديد صواريخ فصائل المقاومة في قطاع غزة «اتسعت، وهي تشمل الآن غوش دان ولا تزال اليد مبسوطة». كما لفت الى ضيق هامش حرية الحركة للجيش فيه، بسبب التغيرات السياسية والاستراتيجية نحو الأسوأ، فمصر ما بعد مبارك لن تدعم عملية «رصاص مصهور» ثانية. كما أن تركيا ستنظر على نحو مختلف الى أي عملية إسرائيلية بعد حادثة مرمرة.
أمّا على الصعيد الدولي، فقال هاليفي إن «دروس سوريا ستمنع الولايات المتحدة من الوقوف جانباً، كما فعل الرئيس (الأميركي الأسبق جورج) بوش في أواخر ولايته» مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأضاف إن من العوامل الكابحة لإسرائيل توجيه اهتماماتها نحو الإعداد للخيار العسكري في مواجهة إيران، والذي يجعل من الصعوبة عليها المخاطرة بعملية عسكرية في قطاع غزة تقتضي تركيزاً لجهد مركزي إذا اتخذ قرار بذلك. ولفت هاليفي الى أن حركة حماس باتت قدراتها العسكرية تقترب من قدرات دولة، مشدداً على أن هذا الإنجاز تحقق خلال سنوات الحكومة الحالية التي يتولى فيها إيهود باراك وزارة الدفاع، وكان يتولى المنصب نفسه خلال العدوان على غزة. وأشار الى التطور التقني للقدرة القتالية الفلسطينية، في مواجهة إسرائيل، والذي انكشف خلال العملية الأخيرة الجمعة الماضي، وأدى الى مقتل أحد جنود لواء غولاني، داعياً القيادة الإسرائيلية الى دراسة ما جرى بعمق للوقوف على المعاني الكامنة في هذه الحادثة وفي نظرتنا الى العدو في القطاع.
وتوقف هاليفي عند الدمج الذي قام به نتنياهو، بين التصريحات القوية التي تتحدث عن الحاجة الى «اجتثاث الوجود الإيراني في غزة» وبين إتمام صفقتين مع حماس، الأولى كانت صفقة شاليط التي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الى تغيير سياسته، ولا يهم إن كان ذلك بناءً على حسابات سياسية داخلية كانت أو خارجية. ففي كلا الحالتين، وافق نتنياهو على شروط «حماس»، والثانية الخضوع لصفقة إنهاء إضراب الأسرى الأمنيين في المعتقلات الإسرائيلية.
ولفت هاليفي إلى أن «حماس» حققت إنجازات كبيرة من وراء صفقة شاليط، كما تمكنت أيضاً من تحقيق إرباك ومكاسب عبر استخدام «القوة الناعمة». ويعتقد هاليفي أن إسرائيل و«حماس» تتفقان على عدم وجود مصلحة بتدهور الوضع والذهاب نحو مواجهة بينهما هذا العام؛ بالنسبة إلى إسرائيل على خلفية تركيز وجهتها نحو الشرق استعداداً لمواجهة إيران، أما حماس فتفضل تخزين السلاح والتقليل من استخدامه، والعمل على تحسين مستوى المعيشة لدى سكان غزة. وحذر هاليفي من أن هذه ليست سياسة، ومن المناسب أن تصيغ حكومة إسرائيل سياسة واقعية وتقدمها للجمهور.