القاهرة | «من زمان قولناها قوية عايزيلنه محاكم ثورية». كان هذا واحداً من الهتافات التي رددها الغاضبون من الأحكام التي صدرت بحق المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته وبراءة كبار رجال الداخلية من تهم قتل الثوار، وأيضاً براءة نجلي مبارك علاء وجمال ومعهم مبارك من تهم الفساد المالي واستغلال النفوذ. لذا تصاعدت أصوات عدة بإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه أمام محكمة ثورية خاصة تقتص لدماء الشهداء.
وطالبت إحدى عشرة قوة ثورية، في بيان مشترك لها، مجلس الشعب بإصدار تشريع لمحاكمات ثورية للمخلوع ورموز نظامه، ومن بينهم الفريق أحمد شفيق المرشح لرئاسة الجمهورية. وأكدوا على «سرعة التحرك من قبل أعضاء مجلس الشعب والأحزاب الممثلة به، وخاصة ذات الأكثرية النيابية، والاستجابة والتفاعل مع القوى الثورية في الشارع». وأشارت القوى الثورية الموقعة على البيان، والتي من بينها اتحاد شباب الثورة وحملة حمدين صباحي وشباب كفاية والتحالف الشعبي وحركة شباب من أجل الحرية والعدالة، إلى أن إعادة المحاكمات أمام محاكمات ثورية مشكّلة من قضاة مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة باتت مطلباً شعبياً، ولا سيما بعدما فقدت الجماهير في الشارع الثقة بالدوائر التي تختص بمحاكمة المخلوع وأبنائه ورجال نظامه. كما طالبت القوى بإعادة جمع الأدلة مرة أخرى ومحاسبة كل من أتلف وزوّر بالأدلة التي وصلت إلى المحكمة، وعلى أساسها تم الحكم بالبراءة على المتهمين.
بدوره، خصص مجلس الشعب جلسته الصباحية أمس لمناقشته تداعيات الحكم. وطالب عدد من النواب بإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه، أمام محاكم ثورية، إلا أن المجلس لم يتخذ قراراً بهذا الشأن. وقال رئيس المجلس محمد سعد الكتاتني، إن المجلس «يعاهد جماهير الشعب المصري على أنه سيتخذ كل إجراء وأي إجراء من شأنه أن يحافظ على أهداف الثورة ويحقق أهدافها حتى تستمر الثورة». وأكد «لم يهدأ لنا بال حتى نقتص لحقوق الشهداء».
واختلف البرلمانيون على تشكيل هذه المحاكم ومدى دستوريتها. وقال النائب عن حزب الكرامة، سعد عبود، «إن أي ثورة في الدنيا تقوم لتفرض قوانينها الخاصة، ولتثبت نفسها ولا سيما إذا كانت تواجه قوى مضادة تعمل ضدها». وأضاف «كل ثورة لها قانونها، وعليها أن تصفي خصومها»، لافتاً إلى أن «التصفية ليست فقط جسدية، وإنما قد تكون بإبعاد هؤلاء عن مفاصل الحكم والدولة».
وعن عدم دستورية المحاكم الخاصة أو الثورية، قال عبود إن «الثورة قامت لتهدم نظام (مبارك) بأكمله وأسقطت دستور 71، وعندما ترى الثورة نفسها في خطر ستسقط هذه «القصاصة التي تسمى الإعلان الدستوري»، لأن الثورة من حقها أن تؤمن نفسها».
من جهته، طالب النائب عصام سلطان، بتشكيل محكمة خاصة لإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه أمامها، مستنداً إلى توقيع مصر على اتفاقية العهد الدولي التي تبيح إنشاء تلك المحاكم. وأكد سلطان أنه سيتقدم بمشروع قانون لإنشاء هذه المحكمة. كذلك طالب النائب أبو العز الحريري بإعادة محاكمة مبارك أمام محكمة ثورية، لأنه لا يجوز أن تحاكم الثورة مبارك بالقانون الذي أصدره ليحمي به فساده.
في المقابل، رفض النائب المستقل، عمرو الشوبكي، أي قرار بتشكيل محاكم ثورية أو خاصة أو استثنائية، مقترحاً «أن يبدأ مجلس الشعب بتشكيل لجنة يبادر المجلس إلى تشكيلها، تتكون من سياسيين ونواب وقانونيين لجمع الأدلة الحقيقية التي تدين النظام السابق تقدم إلى القضاء مرة أخرى».
هذا الاختلاف وصل أيضاً إلى القانونيين. ففي الوقت الذي أكد فيه المحامي عصام الإسلامبولي، صعوبة تشكيل مثل هذه المحاكم لأن «الوقت فات»، قال المحامي منتصر الزيات إن من «الممكن تشكيل هذه المحاكم الآن إذا توحد الثوار وضغطوا على المجلس العسكري ومجلس الشعب».