تونس | اتّصفت أجواء الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة والعشرين للمؤتمر القومي العربي، بالحارّة سياسياً، حيث دار جدال حول العديد من القضايا العربية،سمعت فيه كلمات تهاجم بعض المتواجدين في المؤتمر، وتتهمهم بـ«الدوران في الفلك الأميركي، والعمل ضمن استراتيجية تفتيت الأمة، لخدمة أغراض «الآخر» وتعزيز استراتيجيته».
هذا الهجوم، صبّ على زعيم حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي، الذي وصفه قسم من الحاضرين، ولا سيما القوميين التونسيين، بأنه من أزلام «الاستراتيجية الأميركية والأطلسية الجديدة» في الوطن العربي.
كذلك هاجمه المؤتمرون
رافعين شعار «العار»، و«القوميون العرب يرفضون وجود راشد الغنوشي في مؤتمرهم»، وطالبوه بمغادرة قاعة الجلسة، التي أقيمت في مقر وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية.
وتعلّقت معظم كلمات الحاضرين بالأحداث التي تشهدها سوريا، مع بداية وصول أزمتها إلى طريق مسدود. حيث تطرق المنتقدون إلى الطريقة التي تعاملت بها الحكومة التونسية مع الأزمة السورية، إذ كانت من أوائل الدول التي بادرت بقطع علاقتها الديبلوماسية مع
دمشق.
كما تصدّرت ــ بإيعاز أو من غير إيعاز خارجي ــ فكرة طرح «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري»، في خطوة لإخراج القضية السورية من محافل المجتمع الدولي، نحو تدويل من نوع آخر، تؤخذ فيه القرارات الدولية بمعزل عن مجلس الأمن و«الفيتو» الروسي ــ الصيني، الذي يمنع الدول الغربية من تمرير قرار يدعم الحلّ
العسكري.
«من استدعى أصدقاء سوريا، وهم في الحقيقة أعداء سوريا، يتولى الكلمة الآن، ويعادي القلعة الصامدة، ولا يمكن أن يكون ضيفاً في هذا المؤتمر»، يقول الناشط البعثي التونسي أحمد الشابي. ولم يختلف رأي بقية الحضور عن الشابي، فالجميع تحدث عن خنادق وتحالفات وصمود، «خندق تقف فيه أميركا وإسرائيل وقطر وتركيا» حيث يقف الغنوشي حسب رأيهم، وخندق آخر تقف فيه سوريا، «كحامية لبقايا العروبة والمقاتلين والمناضلين لشرف هذه الأمة». من ناحيته، برّر الغنوشي حضوره المؤتمر القومي العربي، حيث قال «إنه في شمال أفريقيا ومنطقة المغرب العربي
فإن الإسلام والعروبة متكاملان، وإنه عضو في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي فكيف لا يحضر فعالياته؟»، لافتاً إلى أنه من الشخصيات التي حضرته منذ سنة 1990 (العام الذي شهد تأسيس المؤتمر)، وأنه حضر المؤتمر بصفته الشخصية لا الرسمية. وعلّل ذلك بأن «قيادة المؤتمر ترفض حضور الشخصيات الرسمية لكي لا يحسب على أيّ حكومة أنها راعية للقومية العربية».
ويشير هذا التباعد في المواقف بين الحاضرين إلى وجود هوّة فكرية بين التيارين الإسلامي والقومي العربي، الشيء الذي أراد الغنوشي ردمه بكلامه حول
قرب التيارين، خاصة وأن القوميين السوريين والأردنيين كانوا قد عبّروا عن مقاطعتهم لـ«مؤتمر تونس» احتجاجاً على موقف السلطة التونسية من الأحداث السورية.
ولفت المقاطعون، في بيان أرسلوه لأعضاء المؤتمر، إلى أن مقاطعتهم للمؤتمر تأتي «كردّ اعتبار على الذين يتولون السلطة في تونس بعد اختلاس ثورة شعبها وتسليم رئاسة الجمهورية فيها لرجل أرعن فتح أبواب تونس لمن سماهم أصدقاء سوريا».
وسيواصل المؤتمر فعالياته حتى مساء اليوم، رغم الزخم الحادّ الذي شهدته جلسته الافتتاحية، في مدينة الحمامات الساحلية التونسية بمشاركة أكثر من 200 شخصية سياسية وثقافية ونقابية واجتماعية من 19 دولة عربية، حيث سيناقش المشاركون «حال الأمة»، ويطرحون «القضايا الآنية التي تتعلق بالوطن العربي».