بعد 11 شهراً من رئاسة برهان غليون للمجلس الوطني السوري المعارض، انتخب عبد الباسط سيدا خلفاً له على أمل أن ينجح في استقطاب الأقليات وإعادة توحيد صفوف المجلس بعد أن ضربته الخلافات، ودفعت غليون إلى الاستقالة من منصبه، في أعقاب أقل من شهر من التجديد له لولاية ثالثة.
واستهل سيدا، وهو كردي مقيم في السويد منذ حوالى عشرين عاماً وصاحب مؤلفات عدة في المسألة الكردية والفكر العربي، مهماته بالتأكيد أن نظام الرئيس بشار الأسد «بات في المراحل الأخيرة»، مشيراً إلى أنه فقد السيطرة على دمشق وعدد من المدن.
وأضاف الرئيس الجديد للمجلس الوطني، الذي تم التوافق عليه بالرغم من عدم امتلاكه خبرة سياسية كبيرة، «دخلنا مرحلة حساسة. النظام بات في المراحل الأخيرة». ورأى أن «المجازر المتكررة والقصف المركز (على الأحياء الآهلة بالسكان) تشير إلى تخبّطه».
ولفت سيدا، المنحدر من مدينة عامودا في محافظة الحسكة، إلى أن المجلس سيدعم «الجيش السوري الحر بكل الامكانيات»، بالتزامن مع تركيز العمل على «متابعة الجهود في الميدان الدولي من أجل اتخاذ موقف حاسم تجاه النظام الذي يواصل ارتكاب المجازر».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان «الموقف الحاسم يعني تأييد ضربة عسكرية»، قال سيدا إن «مبادرة (الموفد الدولي كوفي) أنان ما زالت قائمة، لكنها لا تطبّق. وسنسعى عن طريق مجلس الأمن لإدراجها تحت الفصل السابع من أجل إلزام النظام بتطبيقها وترك كل الاحتمالات مفتوحة». وفي ما يتعلق بالمجلس الوطني بعد الخلافات التي نشبت بين مكوّناته، أقرّ سيدا بأن «التحديات كبيرة»، لكن «التركيز الأساسي سيكون على إعادة هيكلة المجلس الوطني». وأوضح أنه «سيتواصل مع كل الفصائل من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة» في هذا المجال.
وأضاف «أنا على استعداد للتواصل مع القوى التي تريد الانضمام إلى المجلس الوطني»، كما «سنعمل على توثيق العلاقات مع الحراك الثوري والجيش السوري الحر».
وقالت مصادر في المعارضة إن انتخاب سيدا قد يساعد في اجتذاب تأييد مزيد من الأكراد، فيما أكد عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني، بسام إسحاق، أن سيدا انتخب «لتحقيق مطالب من داخل المجلس ومن جانب المعارضة داخل سوريا، إضافة إلى القوى الدولية لجعل المجلس أكثر ديموقراطية».
ولفت إلى أن رئيس المجلس الانتقالي الجديد «سيعمل على عقد اجتماع لكل أعضاء المجلس بعد شهر، قد يتم خلاله انتخاب أمانة عامة جديدة ورئيس جديد»، ما قد يجعل احتلال سيدا لموقع الرئاسة أمراً مؤقتاً.
وكان عدد من مسؤولي المجلس تحدثوا عن «توافق» لاختيار عبد الباسط سيدا، الذي يوصف بأنه رجل «تصالحي ونزيه ومستقل». وقال منسق العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري في أوروبا، منذر ماخوس، إن «سيدا لا يملك خبرة سياسية كبيرة»، لكنه «يلقى قبول الجميع». وقال مسؤولون آخرون في المجلس إن سيدا يتميز بصفتي المعارض الذي «لا ينتمي إلى أي حزب» و«الكردي المعتدل»، ويستفيد بالتالي «من وضعه كمستقل». ويعدّ سيدا من المجموعة الأولى التي عملت على تأسيس المجلس الوطني السوري، في الثاني من تشرين الأول 2011. وهو عضو في المكتب التنفيذي للمجلس ورئيس مكتب حقوق الإنسان فيه.
وقد حصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة دمشق. وانتقل بعد ذلك إلى ليبيا حيث عمل في مجال التدريس الجامعي لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يتوجه إلى السويد في 1994 لتدريس الحضارات القديمة، منصرفاً الى العمل الأكاديمي والأبحاث والكتابة. ويوضح سيدا لوكالة «فرانس برس» أنه قام لفترة طويلة «بالعمل السياسي السري».