أعلن مسؤول عمليات حفظ السلام في الامم المتحدة، هيرفيه لادسو، أمس أنّ سوريا باتت «في حرب اهلية»، وأن الحكومة السورية فقدت السيطرة على «أجزاء واسعة من أراضيها لصالح المعارضة، وهي تحاول استعادة السيطرة عليها». وقال، مقابلة مع «رويترز»، «من الواضح ان ما يحدث هو ان حكومة سوريا خسرت بعض المساحات الواسعة من الاراضي في العديد من المدن لصالح المعارضة وتريد استعادة السيطرة على تلك المناطق». وتأتي تصريحات المسؤول الدولي في وقت تتواصل المحاولات السياسية لإيجاد مخرج للأزمة، وسط تضارب في المواقف بين موسكو وواشنطن، التي لوحت بعدم التجديد لمهمة المراقبين الدوليين.
وعشية زيارته طهران، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، أن موسكو مستعدة لاستضافة مؤتمر دولي حول سوريا، مشدداً على ضرورة مشاركة إيران. ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن لافروف قوله إن بلاده اقترحت عقد المؤتمر على أساس مبادئ محددة وواضحة، لكي يصبح المؤتمر «الإطار الوحيد لدعم الجهود الرامية إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي أيّدت خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا كوفي أنان».
بدورها، قدمت طهران أمس، على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمان برست، دعمها ضمنياً لاقتراح روسيا تنظيم مؤتمر دولي حول سوريا، مؤكدةً أن المسألة السورية يجب أن تحلّ «من قبل السوريين». وكرر القول إن «المسألة السورية ليس لها حل عسكري وان التدخل (العسكري) لدول اخرى سيخلق عدم استقرار اقليمياً».
من ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، يوم أمس، إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق بشأن احتمال أن ترسل روسيا طائرات هليكوبتر هجومية إلى سوريا، واعتبرت مزاعم روسيا بأن شحناتها من الأسلحة إلى سوريا لا ترتبط بالصراع «غير حقيقية بالمرة». ورأت ان تمديد مهمة بعثة المراقبين في سوريا بعد تموز/يوليو سيكون صعباً اذا لم يحصل تقدم في تطبيق خطة المبعوث الدولي كوفي انان.
من جهة ثانية، قال المتحدث باسم كوفي أنان، أحمد فوزي، إن «مجموعة اتصال» دولية بشأن سوريا ستجتمع قريباً لبحث كيفية جعل الحكومة السورية والمعارضة تلتزمان بخطة السلام التي صاغها الوسيط الدولي. وقال فوزي، في إفادة صحافية في جنيف أمس، «القصد من تشكيل هذه المجموعة هو إعطاء قوة للخطة لإقناع الأطراف بتنفيذ الخطة كاملة. الأمر ليس وضع خطة جديدة». وقال فوزي إنه على الرغم من أنه لم يجر الاتفاق بعد على مكان الاجتماع أو المشاركين فيه، أنان متفائل.
وفي السياق، أعلن مسؤول عربي رفيع المستوى أن أنان عليه أن يتخذ قراراً بشأن نجاح خطته عند انتهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة الشهر المقبل، مشدداً على ضرورة ألا تظل من دون مهلة محددة. وقال المسؤول، الذي رفض كشف هويته، «أعتقد أن المطلوب هو رؤية مدى التقدم الذي سيُحرز حتى 19 تموز، موعد انتهاء مهلة البعثة رسمياً».
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، أمس، إن الجهود الدولية لتخفيف حدة الصراع المتصاعد في سوريا تتركز على محاولة التوصل إلى انتقال سلمي. وأضاف، في مؤتمر صحافي في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، «لا نبحث أي تدخل عسكري أجنبي. أعتقد أننا يجب ألا نفكر فيه بمنظور ليبيا أخرى».
من جهة ثانية، اتهمت سوريا الولايات المتحدة بالتدخل «السافر» في شؤونها الداخلية، مؤكدة أن التصريحات التي تطلقها تشجع «الإرهابيين» على تصعيد عملياتهم في البلاد. وذكرت وزارة الخارجية، في بيان، أن الإدارة الأميركية «تابعت تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لسوريا ودعمها المعلن للمجموعات الإرهابية المسلحة والتغطية على جرائمها وتشويه الحقائق حول سوريا». وأضافت أن ذلك «انعكس في تصريحات تصعيدية خلال الأيام الأخيرة بشكل خاص انسجاماً مع التصعيد الذي يقوم به الإرهابيون في مختلف أنحاء سوريا».
وفي سياق الوضع الميداني، أعربت فرنسا عن قلقها من «أن تكون مجازر جديدة يُعدّ لها» في سوريا، في وقت طالبت فيه الأمم المتحدة بتسهيل الوصول إلى مدينة الحفة المحاصرة والتي تقصفها قوات النظام السوري. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، «نحن أيضاً نشعر بالقلق من أن تكون مجازر جديدة يُعدّ لها» في سوريا، مؤكداً في الوقت نفسه حصول اتصالات فرنسية ــ روسية في محاولة لإيجاد مخرج دبلوماسي للأزمة. وأوضح الناطق أن «مديرنا السياسي (جاك أوديبير) سيتوجه إلى موسكو اليوم».
وفي الإطار ذاته، قالت متحدثة باسم الأمم المتحدة أمس إن مراقبي المنظمة الدولية في سوريا الذين سافروا إلى الحفة للتحقيق في تقارير عن وقوع اشتباكات في المنطقة وجدوا أن البلدة خطرة للغاية بدرجة تحول دون دخولها. وتابعت سوزان غوشة من دمشق «الوضع الأمني غير آمن لدخولهم. كانوا عند آخر نقطة تفتيش وقالت الحكومة يمكنكم المرور، ولكننا رأينا أنه غير آمن». ولاحقاً أعلن المراقبون أن حشوداً غاضبة قذفتهم بالحجارة ومنعتهم من الوصول إلى الحفة، وأن ثلاث سيارات تعرضت لإطلاق نار لدى مغادرتها. وأضافت «أثناء مغادرة الفريق المراقبين متجهاً نحو محافظة ادلب اشتعلت النار بثلاث مركبات والى الان مصدر الحريق غير واضح ، والمراقبون وصلوا الى مراكزهم وهم في أمان».
واستمر القصف لليوم الثامن على التوالي على مدينة الحفة المحاصرة من قوات النظام في محافظة اللاذقية. وتعرض ركاب حافلتين كانتا تمران على طريق مدينة القصير ــ الجوسية المتاخمة للحدود اللبنانية للخطف أمس على أيدي «مجموعة إرهابية مسلحة»، بحسب ما ذكرت سانا.
في الوقت نفسه، يتواصل القصف على مدينة حمص ومدن أخرى في المحافظة، ما سبّب مقتل مواطنين اثنين في الرستن، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقتل أمس أيضاًَ ثلاثة مواطنين في ريف القصير في محافظة حمص، اثنان منهم برصاص حاجز قرية ربلة، وثالث في قرية جوسية إثر مداهمة قامت بها قوات الأمن. كذلك أفاد المرصد عن تعرض بلدة حريتان في محافظة حلب لقصف من القوات النظامية «التي تحاول اقتحامها».
وعلى الحدود اللبنانية-السورية، أفاد مراسلنا في البقاع (رامح حمية) أنه إندلعت، يوم أمس، اشتباكات بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة. ووصل صدى أزيز رصاصها ودوي قذائفها إلى داخل الأراضي اللبنانية عند محلة مشاريع القاع، لينجلي الغبار عن ثلاثة قتلى وحوالي ستة جرحى نقلوا جميعهم إلى مستشفيات الهرمل. وبحسب مصادر أمنية فقد تعرض معبر جوسيه الحدودي لاستهداف من قبل مجموعات مسلحة بقذائف الهاون ما أدى إلى مقتل المدعو زهير هرموش أحد عناصر الجمارك السورية وشخص آخر لم تعرف هويته وقد نقلت جثتهما إلى مستشفى البتول في الهرمل،
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)