تونس | بعد انتظار طويل، وسكوت يخفي مدى عمق الأزمة التي تعيشها تونس جرّاء الوضع الأمني المقلق، دعت الرئاسات الثلاث في البلاد، يوم أمس، في بيان موحّد، مواطني البلاد إلى «تفويت الفرصة على المتطرفين والمستفزين والانتصار على أشباح النظام القديم بالوحدة والتآزر». وأدان البيان عنف «مجموعات الغلو»، و«تهديدها غير المقبول للحريات وسماحها لنفسها بالتعرض لمؤسسات الدولة، ومحاولة الهيمنة على بيوت الله».
وقالت الرئاسات الثلاث «إننا ندين هذا العنف الذي تمارسه هذه المجموعات، سواء كان جسدياً مباشراً أو بالترهيب، وإن هيبة الدولة تفرض مواجهتها بكل الوسائل القانونية». وبلغة تحمل لهجة الوعيد لهذه الجماعات و«مندسي العهد البائد»، أشار ممثلو «سلطة الترويكا» إلى أن الجيش والمؤسسة الأمنية «سيتصديان للتجاوزات والعنف بكل صرامة مهما كان مصدرها». ورأى البيان أن «هذه الجماعات المتطرفة هي نفسها مخترقة من قبل الإجرام، يموّلها الخائفون من المحاسبة وتطبيق القانون، أي فلول العهد البائد وهدفهم إرباك السلطة، وإثارة الفزع بين المواطنين وإفشال المسار الانتقالي الحالي».
ورغم هذه الاستنتاجات التي عبّر عنها البيان، رأت «الترويكا»، في بيانها، أن الذي يحدث في تونس يندرج ضمن «امتحان آخر نمر به، ولكنه سيمرّ مثل الامتحانات التي سبقته، وسنتجاوزه بإرادتنا في حماية بلادنا ومقدراتنا».
ولم يفُت البيان التذكير بالمشروعية التي تتمتع بها السلطة الجديدة، من حيث شرعية الانتخاب، ذاكرين أن «للدولة مؤسسات شرعية منتخبة لن تسمح لأحد بإسقاطها في حبائل الفوضى».
أتى هذا البيان في ختام اجتماع جمع كلاً من الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، ورئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي، لبحث التطورات الأمنية الخطيرة التي هزّت أحياءً في العاصمة وبعض المحافظات إثر اشتباكات اندلعت بين سلفيين ورجال الأمن.
وأعقب هذا الرد من أعلى سلطة في البلاد مؤتمر صحافي لرئيس حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي، أعرب فيه عن أنّ زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري يعتبر «كارثة على الإسلام والمسلمين»، مضيفاً أنه «ليس له نفوذ في تونس». وذلك رداً على الدعوة التي وجهها الظواهري، منذ أيام، إلى الانقلاب على حزب النهضة. ورأى الغنوشي أن هناك جهات مضادة للثورة تسعى لتوظيف جزء من التيار السلفي لتفتيت الساحة السياسية.
لكنه رغم ذلك، صبّ الغنوشي غضبه على الفنانين التونسيين الذين عرضوا صوراً في «قصر العبدلية»، وقال «لا يوجد أي تصادم بين حرية الإبداع واحترام المقدسات، وأيّ إبداع لا يحترم المقدسات ليس بإبداع».
وكانت وزارتا الدفاع والداخلية قد اتخذتا، أول من أمس، قراراً بحظر التجوال ليلاً في العاصمة وسبع محافظات، ولم تحدد مدة هذا الحظر، وقد اتخذ بعد أن وصلت الحالة الأمنية في محافظة «سوسة» إلى حالة استثنائية، حيث شهدت المحافظة أول قتيل سلفي يسقط بالرصاص.
ورغم الحظر، تجددت المواجهات في أنحاء عديدة من البلاد، لكنها لم تمثّل خطراً على الأمن العام، فيما بدأت بعض المناطق التي شهدت مواجهات تعود إلى حياتها الطبيعية مع تواصل الحملة الأمنية. وشهدت هذه الحملة، خلال الفترة الأخيرة، اعتقال 165 فرداً من السلفيين والمجرمين.
وكان وزير الداخلية علي العريض قد اتهم، أول من أمس، «غلاة السلفية بالوقوف وراء أحداث العنف والتطاول على هيبة الدولة».




أصدرت المحكمة العسكرية التونسية حكماً غيابياً يقضي بسجن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي (الصورة) 20 عاماً بتهمة التحريض على القتل، في قضية «شهداء الوردانين». وقتل أربعة متظاهرين برصاص قوات الشرطة، في مدينة الوردانين، أثناء محاولة تهريب ابن أخي الرئيس السابق بن علي. وقضت المحكمة بسجن رجال شرطة بين 5 و10 سنوات بتهم القتل. ولا يزال بعضهم فاراً، بينما يحاكم آخرون حضورياً. وقضت محاكم تونسية، في وقت سابق، بالسجن لمدة عشرات السنين على بن علي الذي هرب مع عائلته إلى السعودية بتهم تتعلق بالفساد المالي. وتواجه الحكومة انتقادات بسبب فشلها في إقناع السعودية بتسليمه. وحتى الآن، لم يحاكم مسؤولون أمنيون كبار عن دورهم في قتل أكثر من 300 متظاهر أثناء الثورة.