معاريف ــ بن كاسبيت لقد خشيت أجيال من قادة شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد من هذه اللحظة. يتجسد أمامنا اليوم سيناريو الرعب المطلق، الذي لعب دوراً رئيساً في سيناريوهات الرعب الأشد التي دارت في الألعاب الحربية السرّية للجيش الاسرائيلي وجهاز الامن الاسرائيلي على مدى جيل كامل. اللحظة التي تسقط فيها مصر، وليس مجرد سقوط، بل أن تسقط في أيدي «الاخون المسلمين». وقد سقطت.

ها هو ما لا يمكن تداركه يتجسد أمام ناظرينا. «الجرف» على حد وصف شمعون بيريز لحسني مبارك، سقط في البحر. والطوفان الإسلامي يحتل مكانه. وكل هذا يحصل في الدولة العربية الأكبر، الشريك الأساس للسلام الاستراتيجي مع اسرائيل، نقطة الارتكاز الإقليمية، الجهة الوازنة في المنطقة. وهذا قد انتهى.
في طبيعة مثل هذه اللحظات التاريخية التأسيسية أن تذوب لتصبح بقعة من الواقع البشع. وبالفعل، بعد غدٍ أيضاً ستشرق الشمس على ما يبدو. لا شيء خاصاً سيحصل. عاموس جلعاد سيبقى يطير الى مصر سرّاً ويجلس أمام الاصدقاء من الاستخبارات في القاهرة. السماء لن تسقط على أي أحد. كما لن تندلع هنا قريباً حرب (مع مصر). لا داعي إلى الفزع ولا ينبغي انعاش الاحتياطات الوقائية. فالأيام التي كان بوسع الاتحاد السوفياتي فيها أن يوقف جيشاً عربياً مسلحاً من أخمص القدم حتى الرأس، بالمجّانٍ وبلا مال، قد انقضت ولم تعد قائمة. اليوم حتى الولايات المتحدة لم تعد قادرة على عمل هذا.
(محمد) مُرسي سينهض كل صباح، وعليه أن يطعم 87 مليون مصري، وأن يمول بدل بطالة لملايين العاطلين من العمل. وسينظر يميناً ويساراً، غرباً، جنوباً وشرقاً، ليكتشف أن الحدود الهادئة (نسبياً) الوحيدة له هي الحدود مع اسرائيل. سيفهم بأنه بين السودانيين والليبيين وبدو سيناء، يمكنه فقط أن يعتمد على الاسرائيليين. سيسافر الى واشنطن، نعم، في النهاية سيسافر الى واشنطن، وسيتعلم هناك نظرية الأرقام.
المجلس العسكري أخذ منه الصلاحيات في مواضيع الخارجية والأمن وأبقى له الإجراءات اليومية، التعليم، الصحة، رغيف الخبز والفول الذي يجب أن يوضع على الطاولة. ومن السابق لأوانه الدخول في مرارة سوداء. وفي هذه الوتيرة، هذه أيضاً ستأتي في لحظة ما.
ومع ذلك، الحياة ستكون أصعب. «رصاص مسكوب؟»، هذا لن يكون سهلاً. حرب لبنان الثالثة؟ كما أسلفنا. محظور النسيان أنه في حرب لبنان الثانية استجدى مبارك أولمرت كي يسحق حزب الله. وفي كل ما يتعلق بـ«حماس»، رقص المصريون في كل مرة قطعنا هناك رؤوساً. والآن، بدلاً من قوة عظمى تمقت «حماس»، تجلس على حدودنا الجنوبية دولة شقيقة لـ«حماس». «الإخوان المسلمون» يرون في «حماس» زملاء. وانطلاقاً من ذلك، يتأكّد تفويت الفرصة التاريخية للرصاص المسكوب. سنذرف الكثير من الدموع على هذا التفويت.