القاهرة | فقد المصريون أعصابهم أمس أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، لإعلان فوز مرشح حزب الحرية والعدالة، محمد مرسي، صاحب الـ61 عاماً، أول رئيس لمصر بعد ثورة 25 يناير، بل كأول رئيس مدني يتولى المنصب الرفيع في التاريخ المصري الحديث، قبل أن يبدأ آلاف المتظاهرين في ميدان التحرير وعدد من الميادين بالمحافظات المختلفة، الاحتفال بفوز مرسي، وخسارة آخر رئيس وزراء لنظام المخلوع مبارك الفريق أحمد شفيق.
وفي خطابه الأول للشعب المصري، اعلن مرسي ان «الثورة مستمرة حتى تتحقق كل اهدافها». واكد ان «مصر الوطن ومصر الشعب في حاجة الان الى توحيد الصفوف وجمع الكلمة حتى يجني هذا الشعب العظيم ثمار تضحياته» المتمثلة في «الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية وهي الشعارات الاساسية للثورة والتي لا تزال حناجر المصريين تعلنها قوية في كل منابر الثورة، الثورة مستمرة حتى تتحقق كل اهدافها».
وشدد مرسي على انه سيكون «رئيسا لكل المصريين» بلا تمييز، مشيداً بتضحيات الشهداء وبدور الجيش والقضاء في الثورة والانتقال الديموقراطي في البلاد. وقال «انني اليوم رئيس لكل المصريين دون ادنى تمييز» مشيدا بـ «الدماء الزكية لشهدائنا» التي اتاحت هذه «اللحظة التاريخية» وكذلك بدور المؤسسة العسكرية والجيش في حماية الثورة والانتقال الديموقراطي. كما تعهد مرسي بـ «المحافظة على المعاهدات والمواثيق الدولية»، مؤكداً أنه أتى بـ «رسالة سلام».
وكان إعلان فوز مرسي بالرئاسة، جاء بعد مؤتمر صحافي، استمر قرابة الساعة، أعلن فيه المستشار فاروق سلطان، رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، حصول مرسي على قرابة ١٣ مليوناً و٢٠٠ ألف صوت بنسبة 51.73 في المئة من عدد الأصوات الصحيحة، بينما حصل المرشح الخاسر احمد شفيق آخر رئيس وزراء في نظام حسني مبارك المخلوع، على 12347380 صوتاً بنسبة 48.27 في المئة من عدد اصوات الناخبين. ودافعت اللجنة العليا للانتخابات عن نفسها خلال مؤتمرها الصحافي، من التهم التي وجهت إليها نتيجة تأخرها في إعلان النتائج النهائية لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، ولا سيما تلك التهم التي وجهت إليها بتزوير أصوات الناخبين لصالح الفريق الخاسر أحمد شفيق.
ومن المقرر حسب الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس العسكري مؤخراً، أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، ويتسلم مهام عمله فعلياً في 30 حزيران الجاري، ليكون مرسي خامس رئيس للبلاد بعد ثورة «23 يوليو»، التي أنهت النظام الملكي، وجاءت بمحمد نجيب ثم جمال عبدالناصر، ومن بعدهما محمد انور السادات، والمخلوع حسني مبارك، قبل أن يصل كرسي قصر العروبة لمرسي، ليكون أول رئيس مدني يحكم البلاد كون باقي الرؤساء كانوا بخلفية عسكرية.
بدورها، عقدت اللجنة الانتخابية للمرشح الفائز محمد مرسي مؤتمراً صحافياً شكرت فيه الجيش والقضاء والشرطة، والقوى والأطياف السياسية، التي ساندت مرشحهم خلال جولة الإعادة، ووقفت دقيقة حداد على أرواح شهداء الثورة 25 يناير. وأكد المنسق العام للحملة، أحمد عبد العاطي، أن «دماء الشهداء لم تذهب هدراً، ولن نهدأ حتى تكون مصر في أعلى مكانة، وسنعمل على نهضتها، وستتشابك أيدينا مع كل القوى والجماعات والأحزاب من أجل لم الشمل، والعمل على رفعة الوطن».
التصريح الآخر كان للأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود حسين، بتأكيده أن علاقة مرسي بالجماعة وحزبها الحرية والعدالة انتهت فعلياً بعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوزه في الانتخابات الرئاسية، وذلك بعد أن سبق وتعهدت الجماعة باستقالة مرسي منها في حال فوزه، فيما أعلن المرشد العام للإخوان المسلمين، محمد بديع، أن مرسي بات في حل من البيعة التي أعلنها له، معلنا هو مبايعته مرسي رئيساً لمصر.
وبينما كانت اللجنة العليا للانتخابات تعلن النتائج، كان الآلاف في ميدان التحرير يتابعون المؤتمر الصحافي. وفور الإعلان عن مرسي رئيساً للبلاد، بدأت الأفراح في الميدان. ونزل الآلاف من المصريين من بيوتهم إلى ميدان التحرير للمشاركة في الاحتفالات. وهتف المتظاهرون في الميدان وغيره من الميادين «إفرحي يا أم الشهيد»، و«مرسي ...مرسي». كما رددوا «يا شفيق قول الحق، مرسي رئيسك ولا لأ»، «ثوار أحرار هنكمل المشوار»، و«عاش الشعب المصري عاش دم الشهدا مرحشي بلاش».
كذلك بدأت تهاني الشخصيات العامة والرسمية تتوالى عقب فوز مرسي. وكان رئيس المجلس العسكري الحاكم، المشير محمد حسين طنطاوي، أول من هنأ مرسي بفوزه في الانتخابات. كذلك هنأ رئيس الحكومة كمال الجنزوري، مرسي بالمنصب الجديد. من جهته، قال رئيس حزب المصريين الأحرار، أحمد سعيد، «لو أحسست أن مرسي سيكون رئيساً لكل المصريين سأكون داعماً له، ولن أكون من المعارضين، ولكن إذا كان أسلوب حكمه كما كان يحدث في مجلس الشعب من أعضاء الحرية والعدالة على أساس»المغالبة»، بالتأكيد سأكون من المعارضين له ولأسلوب حكمه». وأضاف «ينتظر مرسي العديد من المشكلات، التي ينبغي لنا جميعاً أن نبدأ بحلها». ومضى يقول «ما يشلغني الآن هو عملنا في الشارع من أجل توحدنا لحل مشكلات مصر». أما رئيس حزب «غد الثورة»، أيمن نور، فكتب على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلاً: «نعترف بالنتيجة ونتقدم بالتهنئة للدكتور محمد مرسى ونطالبه بسرعة تنفيذ ما سبق أن وعد به وليبدأ بمصالحة وطنية واسعة».
في المقابل، استقبل أنصار المرشح الخاسر، أحمد شفيق خبر فوز مرسي، بحالة من الوجوم والحزن. وسادت تلك الحالة على وجوه أنصار شفيق، الذين كانوا متواجدين منذ أول من أمس، أمام النصب التذكاري للجندى المجهول، في مدينة نصر. وفي أعقاب اعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوز مرسي، غادر عدد من المتظاهرين موقع التظاهرة، فيما تجمع عدد آخر من أنصار المرشح الخاسر في ميدان مصطفى محمود بالجيزة، وهتفوا «يسقط يسقط حكم المرشد»، و«بعتنا ليه يا مشير».
وتنتظر القوى السياسية، التي أعلنت تضامنها ودعمها لمرشح الإخوان المسلمين، الخطوات التي ستتخذها الجماعة، بعد أن شاركت الجماعة في اعتصام ميدان التحرير، احتجاجاً على حل البرلمان، وضد الاعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره العسكر بهدف تكبيل صلاحيات الرئيس الجديد. ورغم التأكيدات التي خرجت من حملة محمد مرسي، أو قيادات جماعة الاخوان المسلمين، على أن اعتصامهم في ميدان التحرير لتحقيق المطالب السابقة سيستمر ولن يتأثر الاعتصام بإعلان فوز مرسي رئيسا للبلاد، فإن القوى السياسة الأخرى ترى أن الحكم على مرسي بعد الفوز سيكون حسب الأفعال لا الأقوال.