القاهرة | انتصار جماعة الإخوان المسلمين في إيصال مرشحها إلى رئاسة الجمهورية، محمد مرسي، في أول انتخابات لا يعرف المصريون نتيجتها مسبقاً، لا يزال نصراً منقوصاً إلى الآن على الأقل. فالرئيس الجديد مقيد بإعلان دستوري مكمل، أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليحد من سلطات رئيس الجمهورية لصالح صلاحيات واسعة منحها المجلس في الإعلان لنفسه.
إلا أن الجماعة، قررت على ما يبدو، المضي قدماً في تحدي المجلس العسكري على الأقل في المدى القصير، حسبما يبدو من تصريحات علي عبد الفتاح، القيادي في حزب الحرية والعدالة، ذراع الإخوان السياسية. وأكد عبد الفتاح، لـ«الأخبار» أن الجماعة ستواصل احتجاجاتها لإسقاط الإعلان الدستوري المكمل، متهماً المجلس العسكري بعدم «احترام إرادة الجماهير، التي أيدت الإعلان الدستوري الصادر في أيار من العام الماضي»، والذي تخطاه المجلس العسكري بالإعلان الجديد غير المدعوم بأي استفتاء شعبي. وهو نفس ما ذهب إليه محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين وعضو مكتب الإرشاد. وأكد أنه «لا ينبغي الفصل التعسفي بين الإخوان وبقية المحتجين من أبناء الشعب». وأكد أن «الشعب كله يشارك في الاحتجاجات، والاعتراض على الإعلان الدستوري المكمل هو شأن الشعب كله».
وحذر عبد الفتاح، وهو زعيم الغالبية في مجلس الشورى، المجلس العسكري مما سماه «الالتفاف على الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، المؤلفة من أعضاء اختارهم أعضاء مجلسي الشعب والشورى». ونبّه من وقوف المجلس خلف دعاوى قضائية تطعن في تشكيل الجمعية، لإيجاد ذريعة لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة، يختار هو أعضاءها بنفسه (وفقاً للإعلان الدستوري المكمل). في المقابل، تعهد عبد الفتاح بالقبول بأي مواد تتوافق عليها الجمعية الـتأسيسية.
كذلك شدد على الالتزام بما تعهدت به حملة مرسي الانتخابية، من تشكيل حكومة ائتلافية لا يرأسها أي من أعضاء حزب الحرية والعدالة. وهو ما كان قد اتفق عليه، في اجتماع ضم مرسي وممثلي قوى سياسية أخرى هي حزب التيار المصري، حزب الدستور تحت التأسيس، حزب الكرامة، الجمعية الوطنية للتغيير وحركة شباب 6 أبريل. كذلك اتفق على هذا الخيار مع كلٍ من الجبهة القومية للعدالة والديموقراطية، حركة شباب من أجل العدالة والحرية، بخلاف شخصيات عامة من قبيل وائل غنيم، صاحب صفحة «كلنا خالد سعيد»، والإعلامي حمدي قنديل.
وكان إعلان محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين رئيساً للجمهورية أمس، بطبيعة الحال، مخرجاً من دائرة مغلقة من التوقعات المتشائمة بشأن ردود الأفعال الشعبية، والتي وصلت إلى توقع تفجر أعمال عنف وشغب في حال وصول منافسه في جولة الإعادة أحمد شفيق، آخر رؤساء الحكومة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك للمنصب الرفيع. وفي السياق، تزامن ترقب إعلان النتائج فرض إجراءات أمنية مشددة من قبل الجيش والشرطة. إذ كان السائد بين قطاع واسع من الرأي العام، أن إعلان شفيق رئيساً للجمهورية من قبل اللجنة العليا للانتخابات، سيعني أن الانتخابات جرى تزويرها لصالحه على أيدي أجهزة الدولة الأمنية، ولا سيما مع إعلان مجموعة «قضاة من أجل مصر»، وجود فارق بين المرشحين يتجاوز 800 ألف صوت لصالح مرسي، استناداً إلى واقع نتائج التصويت المعلنة من اللجان العامة.
وهو ما دعا عبد المنعم عبد المقصود، محامي جماعة الإخوان المسلمين، إلى التلويح قبل إعلان النتيجة في حديث مع «الأخبار» إلى توجهه بمقاضاة اللجنة القضائية العليا للانتخابات الرئاسية جنائياً، بتهمة التزوير إذا أعلنت فوز شفيق، ولا سيما أن مصدراً رفيع المستوى في الجماعة، طلب عدم ذكر اسمه، قال بدوره لـ«الأخبار» إنه علم من أعضاء في اللجنة، قبل إعلان النتائح رسمياً بساعات، أن مرسي أول رئيس لمصر بعد الثورة بساعات.
في غضون ذلك، من غير المرجّح أن يحرك إعلان مرسي رئيساً احتجاجات تذكر من قبل أنصار منافسه، الذين أنهوا تظاهرتهم التي نظموها أول من أمس. وعرضت شاشات التلفزة المحلية، أمس، قبل إعلان نتائج الانتخابات، مشاهد لشارع النصر في حي مدينة نصر شرق العاصمة المصرية القاهرة، الذي كان مركز احتشادهم شبه خالٍ، في مواجهة صورة ميدان التحرير مكتظاً بمئات الآلاف من مؤيدي مرسي ومعارضي المجلس العسكري، المطالبين بإلغاء الإعلان الدستوري.
وبالفعل، استبعد مروان يونس، الناشط في الحملة الانتخابية لأحمد شفيق، تنظيم الحملة أي تظاهرات احتجاجاً على نتائج الانتخابات. وقال «مرشحنا نفسه أعلن مسبقاً احترامه لأحكام القضاء».
وأوضح يونس لـ«الأخبار»، أن «أي تظاهرات أو احتجاجات ستعني ضمناً المزيد من الذعر للشعب، وهو ما لا نرغب فيه بطبيعة الحال». وأضاف «الحملة لا تزال عند موقفها السابق وهو تهنئة الفائز في الانتخابات، واحترام كلمة اللجنة العليا للانتخابات لكونها لجنة محصنة ضد الطعن على قراراتها، فلا يمكن مواجهة قرارها قضائياً كذلك. ولفت إلى أن «المتظاهرين في مدينة نصر، ينتظر عودتهم إلى الميدان، بعدما أرادوا أن يبعثوا برسالة للرأي العام، مفادها ضرورة بناء دولة القانون لا دولة القوة»، في مواجهة تظاهرات ميدان التحرير التي اتهمها أنصار شفيق باستباق نتائج الانتخابات».
من جهته، قال هيثم محمدين، العضو القيادي في حركة «الاشتراكيين الثوريين»، وهي إحدى القوى التي تمثل أقلية من القوى السياسية غير الإسلامية في اعتصام ميدان التحرير المناهض للمجلس العسكري، إن حركته ستواصل الاعتصام في الميدان احتجاجاً على الإعلان الدستوري المكمل بالتشاور مع بقية القوى السياسية.