تباينت توصيفات المؤسسة الإسرائيلية لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تل أبيب، بين من وجدها ناجحة، ومن رأى فيها نوعاً من الرضى على المستوى السياسي في إسرائيل من نتائج هذه الزيارة. رغم أن تقارير إعلامية حذرت من أن التجربة مع الروس تؤكد أنّ من المجدي عدم التسرع في إعلان كهذا.
ولفتت تقارير إسرائيلية إلى إحدى الجمل التي قالها بوتين أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهي: «في إسرائيل أكثر من مليون مواطن روسي، ولن أسمح بأن يعيشوا في خطر». وقالت إن نتنياهو عبّر عن أمله أن تتعزز العلاقات بين إسرائيل وروسيا، وخاصة في المجالات الاقتصادية والعلمية، وفي مجال الهايتك والفضاء.
في المقابل، شكَّكت مصادر إسرائيلية رفيعة بالتوافق الهادئ الذي حققته إسرائيل مع الرئيس الروسي حول «الحيادية» في ما يتعلق باستمرار مواصلة الضغط الدولي على إيران. لكن مع ذلك، أكدت تلك المصادر أن بوتين تعهد أن روسيا لن تسمح لإيران بدق أسفين بينها وبين الدول الغربية، ولن تحاول عرقلة استمرار المسارات ضدّ إيران، ولن تكبح العقوبات التي تجري بلورتها. وهكذا فإن الرئيس الروسي لن يقود هذه المسارات، ولكن لن يحاولوا نسفها.
وقدَّر مصدر سياسي إسرائيلي رفيع أنه «في اللحظة التي يشارك الروس فيها بصمتهم في الجهد، ولا ينسفونه، من الممكن عندها التقدم، وسيضطر الصينيون أيضاً إلى أن يجاروا الروس. وعندها من الممكن البدء في مسار مفاقمة العقوبات بسرعة نسبية».
ونقلت صحيفة «معاريف» عن بوتين قوله أمام الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز: «انظروا ماذا حدث في أفغانستان، انظروا ماذا حدث في العراق، ليس دائماً، من الممكن الخروج من مسار كهذا مع النتائج المرجوة، بل العكس هو الذي يحصل». واستشهد على صحة مقولته «يوجد. اليوم في العراق حكومة تابعة لإيران، وأنا لست واثقاً بأن هذا ما خططه له الأميركيون عندما أسقطوا صدام حسين».
بموازاة ذلك، رأت مصادر إسرائيلية للصحيفة أن الانطباع الذي تكوّن من كلام بوتين يلخص بما يأتي: «في نهاية الأمر، إذا هاجمت اسرائيل أو الولايات المتحدة إيران عسكرياً، فإن روسيا لن تذرف دمعها»، رغم أن الرئيس الروسي أوضح أن بلاده تعارض أي هجوم على ايران. ولفتت «معاريف» الى أن بوتين يدرك حقيقة أن نظاماً إسلامياً نووياً في ايران على حدودها الجنوبية لا يمكن أن يضيف أمراً للأمن القومي الروسي.
وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، حاولت اسرائيل التأثير في الموقف الروسي عبر تقديم مواد استخبارية أمام بوتين تكشف له عن الخشية من انزلاق الأسلحة غير التقليدية من مخازن النظام الى حزب الله أو تنظيم «القاعدة». وأوضحت الصحيفة أن بوتين أخذ هذا الأمر على محمل الجدية، وأكد أنه سيعمل بنحو شخصي لمنع امكانية كهذه.
وعن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، شددت «معاريف» على وجود خلافات بين بوتين ومضيفيه الاسرائيليين الذين قال لهم: «ليس دائماً من الممكن معرفة اذا كانت البدائل أفضل». وسألهم أيضاً: «من أين تعرفون أن المعارضة التي تقاتل الأسد الآن، إذا سقط أنها لن تغير جلدها وستبقى وفية للذين يمولونها الآن».
من جهة ثانية، أوضحت تقارير اعلامية اسرائيلية أنّ الروس يريدون موطئ قدم لهم في حقول النفظ والغاز التي اكتُشفت في الفترة الأخيرة في مقابل شواطئ فلسطين المحتلة، وأن هناك خلافات داخل القيادة الاسرائيلية على المصلحة الاسرائيلية في اشراك الروس في هذا القطاع.
في المقابل، أوضح بوتين، بحسب التقارير نفسها، أن «لدى الروس اهتماماً قومياً بضمان السلام والاستقرار لاسرائيل؛ فالاتحاد السوفياتي دعم اقامة دولة اسرائيل، والمنطقة والعالم يتجددان ويتغيران بسرعة كبيرة ونحن ينبغي أن نجد التعاون الذي يسمح للجميع بالعيش بسلام وهدوء».
في غضون ذلك، بررت صحيفة «معاريف» «الشرف الذي أغدقته» الدولة العبرية على زيارة الرئيس الروسي، الذي بدا كأنه واحد من أسلافه «شمس الشعوب»، بأن «كل المصالح الحيوية لإسرائيل، في هذه الايام العاصفة جداً، تكاد تمر عبره»، فضلاً عن أنه أحد الحكام الأقوياء. لكنها عادت ورأت أنه ينبغي لأحد أن يشرح للرئيس الروسي الذي دشَّن نصباً تذكارياً لجنود الجيش الأحمر في نتانيا، أن السلوك الروسي في القضايا والتحديات التي تواجهها اسرائيل في المنطقة، وتحديداً في كل من سوريا وايران، «لا يطاق»، وأن «الازدواجية الروسية التي تسمح لمحور الشر الممتد من طهران عبر دمشق وبيروت وغزة وربما حتى القاهرة بمواصلة تهديد السلام العالمي.. واستمرار التأييد الروسي للنظام الإسلامي في طهران عمل اجرامي».
كذلك شددت الصحيفة على ضرورة أن يقول أحد ما للروس إن «هناك أهمية أكبر من المصالح في الخليج، ومن سعر النفط وكل أنواع المصالح الصغيرة الأخرى، وإنهم يلعبون بالنار التي قد تنفجر لهم في وجههم (الانفجار النووي)».