الخرطوم | يبدو أن الخلفية الإثنية التي ينتمي إليها سكان منطقة «أمبدة أنقولا» الفقيرة والواقعة في غرب أم درمان، هي التي حفّزت السلطات السودانية على ممارسة أقسى أنواع العنف لقمع الحركة الاحتجاجية التي انتظمت في شوارع المدينة ظهر أمس، إذ إن التوزيعة الديموغرافية لسكان المنطقة يغلب عليها العنصر الدارفوري. وأكثر ما تخشاه الحكومة في الوقت الراهن أن تُربط التظاهرات الداخلية بعناصر خارجية تمثل عامل دفع يزيد من قوة التظاهرات، أو يزيد من رقعة انتشارها، ولا سيما إن كانت تلك المجموعات الحركات الدارفورية المسلحة. وحسب شهود عيان تحدثوا لـ «الأخبار»، فإن سكان منطقة أمبدة انقولا من نساء ورجال وأطفال خرجوا إلى الشوارع الرئيسية، وعملوا على تهشيم زجاج السيارات وتعطيل حركة المرور، كما حاولوا إحداث تخريب في شوارع الإسفلت لشل الحركة المرورية. وأكد شاهد عيان أن أرتالاً من قوات الشرطة والأمن، التي كانت مرتكزة في السوق الرئيسي المعروف بسوق «ليبيا»، كانت تحيط بالمنطقة خلال دقائق محدودة.
وبالتزامن مع احتجاجات الأطراف في الخرطوم، تتواصل التظاهرات في عدد من الولايات. فقد خرج طلاب كلية الطب جامعة الخرطوم والمصلون من مسجد الختمية بمدينة بورتسودان في مسيرات أمس، بالتزامن مع إضراب الفنيين والمهندسين العاملين في مصنع عطبرة للإسمنت، للمطالبة بزيادة في الأجور، حيث يبلغ دخل الفرد منهم 120 دولاراً في الشهر، فيما يبلغ دخل العامل الصيني ما يقارب الـ800 دولار.
ووفقاً لمصدر من داخل المصنع، فإن أفراد الأمن الاقتصادي يحاولون احتواء الموقف وأثناء العمال عن الإضراب بإجراء اتصالات مع حكومة الولاية للوصول إلى تسوية ترضي الجميع.
في غضون ذلك، أكد ناشطون استمرار اعتقال خمسة من المشاركين في تظاهرات الجمعة قبل الماضية، داخل معتقلات مدينة عطبرة. وحسب مصادر تحدثت لــ «الأخبار»، فإن المعتقلين مضربون عن العطام احتجاجاً على طول مدة اعتقالهم، فيما أفاد ناشطون، أول من أمس، أن نحو ألف شخص اعتقلوا يوم الجمعة على هامش التظاهرات، ما يوازي عدد المعتقلين طوال الأسبوعين الأولين من الحركة الاحتجاجية.
من جهتها، قالت الشرطة إن «مجموعات صغيرة» تظاهرت الجمعة، لافتةً الى عودة الهدوء بعد «استخدام القوة بحدها الأدنى»، كما أشارت إلى أنه جرى اعتقال «بعض مثيري الشغب» وإحالتهم أمام القضاء من دون ان تحدد عددهم، فيما أفادت معلومات لـ «الأخبار» أن أجهزة الأمن قامت باعتقال مجموعة كبيرة من الشباب الناشطين على الإنترنت، بعضهم أطلق سراحه بعد أخذ تعهدات من أولياء أمورهم.
في هذه الأثناء، أعلنت شبكة الصحافيين السودانين عن تنظيم وقفة احتجاجية بعد غد الأربعاء أمام مفوضية حقوق الإنسان بالخرطوم، احتجاجاً على مصادرة حرية التعبير للصحافيين، وإيقاف عدد من الصحف اليومية، في الوقت الذي جدد فيه ناشطون الدعوات للشعب السوداني بمختلف أطيافه للخروج الجمعة المقبلة في جمعة «شُذاذ الآفاق».
وجاءت دعوات التظاهر في وقت سعت فيه السلطات السودانية، أمس، إلى التأكيد على قدرتها على استعادة الاستقرار الاقتصادي، بالتزامن مع توجيها أصابع الاتهام «إلى دوائر صهوينية» باستغلال الوضع.
واتهم مساعد الرئيس السوداني، نافع علي نافع، «دوائر صهيونية داخل الولايات المتحدة الأميركية وغيرها بالقيام بمحاولات لاستغلال القرارات الاقتصادية الأخيرة في الداخل، لإحداث عدم الاستقرار الأمني والسياسي في السودان». وأشار إلى أن الدولة تمتلك كافة المعلومات والأدلة التي تؤكد وجود التنسيق التام للحركات الدارفورية المسلحة ودولة الجنوب، وواجهاتها السياسية مع الدوائر الصهيونية النافذة في المؤسسات الرسمية الأميركية لضرورة تخريب المنشآت الاقتصادية للسودان.