لم يكن خالد الحمد، الملقب بـ«أبو صقّار» شخصاً استثنائياً. شابٌ أُمّي لا يختلف عن كثيريين ممن نقلوا السلاح من كتفٍ إلى أخرى. بين ليلة وضحاها، تحوّل من مهرّب وقاطع طريق إلى «ثائر». الحمد، وهو أحد مسلحي «الجيش السوري الحر»، ذاع صيته إثر نشر إحدى القنوات العالمية فيديو يظهره وهو يشقّ صدر جنديٍّ سوري لينتزع قلبه ويأكله. هكذا دخل ابن حي بابا عمرو الحمصي سجّل «الثورة» من بوابة الوحشية. فظاعة المشهد لا يُمكن أن تُمحى من مخيلة كلّ من شاهده، لكن ما الذي قد يدفع إنساناً لفعل ما فعله «أبو صقّار»؟
قبل انطلاق الأحداث السورية، كان الرجل يعمل مهرّباً بين لبنان وسوريا. لا يُجيد القراءة والكتابة، كما أنّه كان يتعاطى الحبوب المخدّرة. لم يُعرف عنه التدّين يوماً. على عكس شقيقه أحمد الحمد المشهور بـ«أبو بري»، الذي كان يعمل «بلّاطاً» في قطر قبل أن يعود إلى سوريا. «أبو بري» نفسه أصبح لاحقاً أحد أشهر مهرّبي السلاح بين لبنان وسوريا. عزز ذلك قربه من إحدى أبرز الشخصيات السياسية في الشمال اللبناني.
بدأت رحلة «أبو صقّار» من بابا عمرو، هناك قاتل في صفوف مسلّحي المعارضة قبل أن يسقط الحي بيد الجيش السوري. انتقل بعدها إلى القصير مترئساً مجموعة مسلّحة. وبعد سقوط القصير، انسحب إلى جبال القلمون ليلتحق بصفوف «كتيبة الفاروق». ثم انشقّ عنها ليؤسس مع شقيقه أحمد الحمد، المشهور بـ«أبو برّي»، كتيبة «عمر الفاروق المستقلة». وتولّى فيها منصب القائد الميداني.
لكن لم يلبث أن عزله شقيقه في نيسان عام 2013 بعدما اعتُبرت أفعاله من قبيل التمرّد. إذ اتُّهم بالتفريط بالسلاح والتعامل بشدّة مفرطة مع عناصره. كما ذكر بيان العزل أن «أبو صقّار» مُحب للظهور وسيئ الخلق ويُضيّع جهود المجموعة.
إذاً، لم يدم وفاق الشقيقين. بعد عزل «أبو صقّار»، قاتل الأخير تحت لواء «جبهة النصرة» من دون بيعة، لكنّه طُرِد لاحقاً. عاد إلى «الجيش الحر» ثم انتقل إلى حلب. هناك ألقى القبض عليه تنظيم «الدولة الإسلامية» ليُسجن شهرين قبل أن يُفرج عنه بعدها. ساعده على الخروج «والي حلب» في التنظيم، نظراً للعلاقة الجيدة التي كانت تربطهما معاً. شارك بعد ذلك في مفاوضات بين تنظيم «الدولة» و«كتيبة الفاروق» ليُساعد على إطلاق مجموعة عناصر وقعت بيد التنظيم المتشدد. علاقته الجيدة بـ«الدولة» دفعته إلى نقل عائلته إلى تركيا حيث كان يزورهم على نحو شبه أسبوعي.
قُتل الرجل منذ أيام في ريف اللاذقية. نعته صفحات المعارضة كـ«بطلٍ وشهيد». غير أنّ ما لم يُسلّط الضوء عليه أنّ عناصر «حركة أحرار الشام» تولّوا إعدام الحمد أثناء توجهه للقاء مجموعته.
تجدر الإشارة إلى أنّ لـ«أبو صقّار» أخاً قضى في صفوف الجيش السوري، وآخر في صفوف المعارضة. كما أنّ أحد عمومه ضابط في الجيش السوري، وشقيقه «أبو بري» قُتل في معركة «فتح معلولا»، فيما لا يزال لديه شقيق يعيش في تركيا يُدعى شحود.