حطّ الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في مصر، يوم أمس، ضمن زيارة خطط لها منذ عدة شهور. لم يفرح المصريون بزيارته كثيراً، فقد علقوا لساعات في زحمة السير في شوارع القاهرة، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة لتأمين موكب «الملك» والرئيس عبد الفتاح السيسي. أما أكثر المتضررين من زيارة سلمان، فهم المسافرون الذين لم يتمكّنوا من اللحاق برحلاتهم بعدما أغلقت قوات الحرس الجمهوري الطريق الرئيسية المؤدية إلى المطار لمدة طويلة.
ضخامة الموكب المرافق لسلمان في القاهرة لم يكن سببها العدد الكبير لقوات الحرس الجمهوري المكلفة تأمين الضيف، فقد حرص الملك السعودي على حضور 220 من حاشيته من قوات التأمين والمراسم السعودية، ووصل هؤلاء في طائرتين خاصتين قبل هبوط الطائرة الملكية بعدة ساعات.
وكما كان متوقعاً، جاء استقبال «الملك» مبالغاً فيه، وظهر ذلك من موكب السيارات التي تجاوز عددها المئة. أيضاً، حرص السيسي على الاهتمام بضيفه في ظل نية الطرفين توقيع عدد كبير من اتفاقات التعاون، التي أقرت خلال لقاءات مجلس التنسيق المصري ــ السعودي بين البلدين.
وأدت هذه اللقاءات، التي امتدت لستة أشهر، إلى توجيهات باستثمار 30 مليار ريال سعودي في مصر، وتأمين المواد البترولية للقاهرة لمدة خمس سنوات بشروط ميسرة بالإضافة إلى دعم الاقتصاد المصري بوضع ودائع مالية جديدة في البنك المركزي الذي يعاني نقصاً حاداً في الاحتياطي النقدي.
أنباء عن إعادة مصر جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية

أيضاً، سيوقع الطرفان نحو 20 اتفاقية، فيما يبقى الملف الأكثر إثارة للجدل هو مناقشة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وسط أنباء غير مؤكدة عن إعادة القاهرة جزيرتي تيران وصنافير في مدخل خليج العقبة، إلى السعودية، وهما الجزيرتان اللتان تخضعان للسيادة المصرية بموجب اتفاقية مصرية ــ سعودية وقّعت سابقاً، وذلك بسبب عجز القوات البحرية السعودية آنذاك عن حمايتها.
يشار إلى أن هاتين الجزيرتين تخضعان للمنطقة «ج» وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد وتوجد عليهما قوات شرطة مدنية تراقب مداخل ومخارج خليج العقبة.
عموماً، تتضمن مشروعات سلمان تطوير جزء من مستشفى القصر العيني، إضافة إلى إنشاء جامعة تحمل اسمه في منطقة الطور جنوب سيناء ومدينة سكنية متكاملة، فضلاً عن مشروعات أخرى كإنشاء طرق ومحطات معالجة للمياه وتجمعات زراعية في سيناء.
المتحدث باسم الرئاسة المصرية، علاء يوسف، قال إن «جلسة المحادثات الثنائية التي جمعت السيسي وسلمان تناولت القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن التنسيق والتعاون على جميع الأصعدة بين البلدين في مواجهة ما يتعرض له الأمن القومي العربي والخليجي من مخاطر إقليمية وخارجية».
وسيحصل سلمان خلال زيارته على الدكتوراة الفخرية من جامعة القاهرة، كما سيتفقد مستشفى القصر العيني التعليمي الذي سيحصل على منحة تطوير، إضافة إلى إلقائه كلمة أمام البرلمان المصري صباح الأحد المقبل ليكون أول ملك سعودي يخطب في مجلس النواب.
وأكد يوسف أن هذه الزيارة، التي تمتد لأربعة أيام على الأقل، تمثل تتويجاً للعلاقات بين البلدين، كما سيضم برنامج الزيارة عدة مقابلات مع كبار الشخصيات والمسؤولين المصريين.
ومن المقرر أن يغادر سلمان القاهرة صباح الإثنين المقبل متوجها إلى العاصمة التركية أنقرة تلبية لدعوة الرئيس التركي، رجب طيب اردغاون، حيث تستمر زيارته ثلاثة أيام قبل أن ينتقل بعدها إلى إسطنبول يومي 14 و15 من الشهر الجاري لحضور فعاليات القمة الإسلامية الثالثة عشرة.