اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، بعض الدول الغربية بالسعي الى «تحريف» الاتفاق، الذي عقد في جنيف بشأن مبادئ الانتقال السياسي في سوريا، التي اقترحها المبعوث الدولي كوفي انان. وقال لافروف، في مؤتمر صحافي عقده في موسكو، «للأسف بدأ بعض ممثلي المعارضة السورية يقولون إن اتفاق جنيف غير مقبول بالنسبة اليهم، وفي موازاة ذلك بدأ بعض المشاركين الغربيين في اجتماع جنيف يحرّفون، في تصريحاتهم العلنية، التسويات التي توصلنا اليها».
واضاف لافروف أن «تأويل هذه التسويات لا يفيد في شيء»، فهي «تتفق تماماً مع ما جاء في البيان الختامي، ويجب أن نحافظ على ذلك»، من دون أن يحدد الدول التي كان يشير اليها.
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، يوم امس، أن روسيا لن تشارك في «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» المقرر عقده في باريس يوم الجمعة المقبل. وقال فابيوس، في مؤتمر صحافي بعد لقائه نظيره الألماني غيدو فسترفيله، «لقد دُعيت روسيا، وأعلنت عدم رغبتها في المشاركة وهذا الأمر غير مفاجئ».
من ناحيته، قال احمد فوزي، المتحدث باسم المبعوث الدولي كوفي أنان، في حديث صحافي، «إن الالتزامات التي تم قطعها في اجتماع جنيف يوم السبت صادقة، وإذا نفذت على النحو الذي قطعت به فستؤثر على ما يحدث على أرض الواقع». وأضاف «لا تنسوا أن الكثير من القوى وحّدت صفها. لا تقللوا من شأن درجة تحوّل حدثت هنا يوم السبت، خاصة في الموقفين الروسي والصيني، لقبول مبدأ تغيير سياسة ما». ودعا الاطراف الى وقف العنف وتطبيق الاتفاق الدولي. لكنه أقر، في الوقت نفسه، بأن «الأزمة معقدة جداً وأنّ طريق الخروج منها سيكون طويلاً وشاقاً».
بدورها، قدمت الولايات المتحدة، امس، مشروع قرار حول سوريا امام مجلس حقوق الانسان، التابع للامم المتحدة، يعرب عن الاسف للتداعيات «المقلقة» التي يمكن أن تنجم عن «عدم تطبيق» خطة كوفي انان، ويشدد على ضرورة قيام تحقيق دولي في هذا البلد. ويدين مشروع القرار «الانتهاكات الفاضحة والمعممة والمنتظمة لحقوق الانسان في سوريا»، وجعل السلطات السورية المدنيين وخاصة الاطفال هدفاً لها. ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع القرار، يوم الجمعة، وهو آخر يوم عمل لدورة هذا المجلس الصيفية.
في سياق آخر، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، المعنية بحقوق الإنسان، في تقرير يوم أمس الثلاثاء، إن أجهزة الاستخبارات السورية تدير شبكة من مراكز التعذيب في أنحاء البلاد، حيث يجري ضرب المحتجزين بالعصي والكابلات وحرقهم بالأحماض والاعتداء عليهم جنسياً. وأضافت المنظمة أن التجاوزات التي تقرها الدولة تبلغ حد ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وينبغي أن تحقق فيها المحكمة الجنائية الدولية.
وحدد تقرير المنظمة 27 مركزاً للاحتجاز قالت إن أجهزة الاستخبارات تستخدمها منذ شهر آذار في عام 2011. وأشارت «هيومن رايتس ووتش» إلى أنّ الاستخبارات العسكرية السورية، ومديرية الأمن السياسي، وادارة الاستخبارات العامة، وإدارة الاستخبارات الجوية احتجزت عشرات الآلاف. وأضافت المنظمة أنها أجرت اكثر من 200 مقابلة مع أشخاص قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب.
وقالت المنظمة إنها وثقت أكثر من 20 وسيلة تعذيب «تشير بوضوح إلى سياسة الدولة القائمة على التعذيب وإساءة المعاملة، وبالتالي تمثل جريمة ضد الإنسانية».
كذلك أصدر محققو حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تقارير مماثلة. وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم الأمم المتحدة في شؤون حقوق الإنسان، للصحافيين يوم امس في جنيف، إنّ «التعذيب أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان المروعة، التي جرى التوثيق لها بأفضل صورة وبشكل تفصيلي، والتي تشهدها سوريا على مدى الشهور الخمسة عشر الماضية». ودعت المنظمة مجلس الأمن إلى أن يحيل سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، ويفرض عقوبات على المسؤولين الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات.
ورحّب وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ بالتقرير الصادر عن «هيومن رايتس ووتش» حول سوريا. وأكد أن بلاده ستواصل تركيز اهتمامها على ما يجري في هذا البلد، والعمل على وضع حدّ لأعمال العنف فيه. وقال هيغ إن تقرير المنظمة الأميركية المدافعة عن حقوق الإنسان، حول مراكز التعذيب في سوريا، يسلّط الضوء على «فظاعة ما يحدث وحجم الأعمال الوحشية المروّعة التي يمارسها النظام ضد السكان».
وأضاف أن تقرير المنطمة «ينبغي أن يكون بمثابة تحذير واضح، كما ينبغي أن لا يكون هناك إفلات من العقاب أو مخبأ لمرتكبي هذه الجرائم، وعلى المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات منهجية وواسعة النطاق لحقوق الإنسان أن لا يخدعوا أنفسهم، فنحن وشركاؤنا الدوليون سنستمر في تركيز اهتمامنا على ما يجري في سوريا والعمل على ضع حد لأعمال العنف».
(ا ف ب، رويترز، يو بي آي)