القاهرة | أنهى مؤتمر المعارضة السورية، الذي عقد في القاهرة تحت رعاية جامعة الدول العربية، أعماله فجر أمس، بـ«بيان توافقي»، بعد سيطرة موجة من الخلافات على أجواء المشاركين، كادت تنسف المؤتمر. وأصدر المجتمعون، الذين ناهز عددهم الـ 210 شخصيات، وثيقة توافقية تحدد الرؤية السياسية المشتركة للمعارضة السورية إزاء تحديات المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى وثيقة «العهد الوطني»، التي تضع الأسس الدستورية لـ«سوريا المستقبل»، كذلك صدر عن المؤتمر بيان ختامي لخّص ما جرى من نقاشات.
وأكد البيان الختامي أن المشاركين في المؤتمر أجمعوا على أن الحلّ السياسي في سوريا يبدأ بإسقاط النظام، «ممثلاً ببشار الأسد ورموز السلطة، وضمان محاسبة المتورطين منهم في قتل السوريين»،
كذلك طالب المؤتمر بالوقف الفوري لأعمال القتل التي يرتكبها النظام السوري، وسحب الجيش وفكّ الحصار عن المدن والأحياء السكنية السورية، وإطلاق سراح المعتقلين فوراً.
وأضاف البيان: «إن المؤتمر أكد دعم الجيش السوري الحر وكافة أشكال الحراك الثوري، والعمل على توحيد قواه وقياداته خدمة لأهداف ثورة الشعب السوري، وعلى دعوة جميع مكونات الشعب السوري للعمل على حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية».
وشدد البيان الختامي على أن المؤتمرين أكدوا، من خلال الوثائق الصادرة عن المؤتمر، «أن التغيير المنشود في سوريا لن يتمّ إلا بالإرادة الحرة للشعب السوري الثائر ضد النظام القمعي والمستبد»، وطالب المؤتمر أيضاً بوضع آلية إلزامية توفر الحماية للمدنيين، وبجدول زمني للتنفيذ الفوري والكامل لقرارات جامعة الدول العربية ومجلس الأمن، ومطالبته باتخاذ التدابير اللازمة لفرض التنفيذ الفوري لتلك القرارات.
وفي ما يتعلق بوثيقة «العهد الوطني»، فقد تعاهد المؤتمرون فيها على أن يقرّ دستور جديد للبلاد، يتضمن فيه «أنّ الشعب السوري شعب واحد، تأسّست لحمته عبر التاريخ على المساواة التامّة في المواطنة، بمعزل عن الأصل أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الإثنيّة أو الرأي السياسي أو الدين أو المذهب، على أساس وفاق وطنيّ شامل». وأكدت الوثيقة أنّ النساء متساويات مع الرجال، ولا يجوز التراجع عن أي مكتسبات لحقوقهن، وأنه يحق لأي مواطن أن يشغل جميع المناصب في الدولة، بما فيها منصب رئيس الجمهوريّة، بغض النظر عن دينه أو قوميّته، رجلاً كان أو امرأة. ونبّهت إلى أن الدولة السورية تقرّ بوجود قومية كردية ضمن أبنائها، وبهويّتها وبحقوقها القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية، ضمن إطار وحدة الوطن السوري، وتعتبر القومية الكردية في سوريا جزءاً أصيلاً من الشعب السوري. كذلك تقرّ الدولة بوجود هويّة وحقوق قوميّة مماثلة للقوميتين السريانية الأشورية والتركمانية السوريتين، وتعتبران جزءاً أصيلاً من المجتمع السوري. وذكرت الوثيقة أن الشعب السوري يدعم حقّ الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته الحرّة السيّدة المستقلّة، وعاصمتها القدس.
وركزت على أن الشعب هو مصدر الشرعية والسيادة التي تتحقق من خلال نظام جمهوري ديموقراطي مدني تعددي، يسود فيه القانون ويقوم على المؤسسات. ولا يجوز فيه الاستئثار بالسلطة أو توريثها بأيّ شكلٍ كان، وتقوم مؤسسات الحكم في الدولة السورية على أساس الانتخابات الدورية والفصل التام بين السلطات. وأنّ الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية التي تحمي البلاد وتصون استقلالها وسيادتها على أراضيها، تحرص على الأمن القومي ولا تتدخل في الحياة السياسية.
وأصدر المؤتمر وثيقة «الرؤية السياسية المشتركة لملامح المرحلة الانتقاليّة»، التي حددت مجموعة الخطوات اللازم اتخاذها حتى نهاية المرحلة الانتقالية. وتبدأ هذه المرحلة «بإسقاط السلطة الحاكمة ورموزها»، ثمّ تبدأ المرحلة الانتقاليّة عبر انتخاب رئيس وبرلمان على أساس دستور جديد للدولة السورية، وانبثاق حكومة تمثل البرلمان المنتخب، لافتةً إلى أن كلتا المرحلتين تتطلّبان لإتمامهما إجراءات توافقيّة بين قوى المعارضة على الصعد السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك على صعيد العدالة الانتقالية.
وذكرت الوثيقة أنه فور تسلم حكومة تسيير الأعمال، يُحَلّ حزب البعث الحاكم والمؤسسات التابعة له، ويجري التحفظ على أملاكه وإعادتها إلى الدولة، على أن يسمح لأعضائه بممارسة العمل السياسي وفق القوانين الجديدة، والدعوة إلى مؤتمر وطني واسع في دمشق يشمل كلّ القوى السياسيّة ومكوّنات المجتمع بلا استثناء، بهدف إقرار تشكيل جسم تشريعي وحكومة انتقالية من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة.
وأضافت أنه خلال مدّة أقصاها سنة عن تشكيله، يقوم الجسم التشريعي المؤقّت والحكومة الانتقالية بالعمل على إجراء انتخاب برلمان تأسيسي يقر مشروع الدستور ويطرحه على الاستفتاء العام في مدة أقصاها ستة أشهر، وانتخاب البرلمان التأسيسي، بعد حلّ الجسم التشريعي المؤقّت، وتشكيل حكومة جديدة على أساس الأغلبيّة التي نتجت من الانتخابات.