وصلت إسرائيل، حيال المسألة النووية الإيرانية، إلى مفترق صعب، بعدما كادت كل الوسائل غير العسكرية تستنفد نفسها. جاء استحقاق التهديدات الإسرائيلية ليثير لدى المحللين والخبراء الإسرائيليين خشية من الآتي، وخصوصاً أن الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران، على المستوى النظري، هو الأكثر حضوراً وإشغالاً للمحللين، وتحديداً أولئك الذين يخشون بالفعل تورط إسرائيل في حرب لا طاقة لها بها.
في هذا السياق، كتب المحلل والخبير الإسرائيلي في الشؤون العسكرية والأمنية، ألون بن دافيد، في صحيفة «هآرتس» مقالة تحت عنوان: «الهجوم على إيران منوط (برئيس هيئة الأركان بني) غانتس»، ضمّنها رؤيته للمقاربة الإسرائيلية، والتداعيات المحتملة لمغامرة تل أبيب، إن حصلت. إذ أشار إلى أن المسؤولين العسكريين في إسرائيل يتصرفون وكأن عبئاً ثقيلاً ملقى على عاتقهم، ويتساءلون عن لحظة الحقيقة، وإن كان كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك، قد بدآ بالإيمان بتهديداتهما وضرورة تنفيذها، بعدما هدّدا العالم بأنّهما على وشك مهاجمة إيران، من أجل حثّ المجتمع الدولي على مواجهة الجمهورية الإسلامية. وأضاف بن دافيد أنه بحسب أسلوب وطريقة عمل نتنياهو ـــ باراك، يجب تنفيذ الضربة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، في شهر تشرين الثاني المقبل، وبالتالي يجب الظهور، بحسب الثنائي، وكأنهما يمنحان العالم مهلة عدة أسابيع فقط، كفرصة للعقوبات المفروضة على إيران، بمعنى أن موعد تنفيذ الضربة يقع بين شهري آب وتشرين الأول المقبلين.
ويشير بن دافيد إلى أنّ التقديرات المتداولة في إسرائيل تؤكد أن المنتدى الوزاري المصغر سينعقد قبل وقت قصير من توجيه الضربة لإيران، حيث إن الأغلبية المؤيدة للهجوم باتت مضمونة. مع ذلك، يضيف الكاتب أن بعض الأشخاص الذين يعرفون باراك ونتنياهو مستعدون للوقوف «أمام العجلات» لإيقاف الانجرار نحو حرب غير ضرورية، وفي مقدمة هؤلاء رئيس الدولة، شمعون بيريز، ورئيس الموساد السابق مائير داغان، ورئيس الشاباك السابق يوفال ديسكين، ورئيس هيئة الأركان السابق، غابي أشكنازي، وكثيرون غيرهم.
ويؤكد بن دافيد، أن الرجل الوحيد القادر فعلياً على إيقاف هذه الحماقة هو رئيس هيئة الأركان العامة، بني غانتس، إذ لا يمكن إسرائيل أن تشنّ حرباً من دون دعم رئيس الأركان. ويلفت بن دافيد إلى أن غانتس يعرف التقدير الشائع بأن غالبية الاحتمالات والسيناريوات المعروضة، تؤكد أن هجوماً على إيران لن يحبط الجهود النووية الإيرانية، بل من المحتمل أيضاً أنّه سيزيد من وتيرة تطويرها، وبالتالي ستنجر إسرائيل إلى حرب مؤلمة، لن تحسمها، وستؤدي إلى ضرب جبهتها الداخلية وإصابتها إصابة قاتلة. ومن بعدها، سيتغيّر وجه المجتمع الإسرائيلي. وبحسب الكاتب، من المحتمل أن يعيد معظم الإسرائيليين النظر في مستقبلهم في إسرائيل، من بعد الضربة.
على صعيد آخر، ذكرت مصادر دبلوماسية أميركية أن الرئيس باراك أوباما أمر أجهزة الاستخبارات الأميركية بتكثيف رصد واستطلاع تحركات الجيش والحكومة الإسرائيلية عن كثب، وذلك تحسباً لأي تصرف أحادي الجانب تجاه إيران أو سوريا. ونسب موقع «وورلد تريبيون» الإلكتروني إلى هذه المصادر قولها، إن أوباما أراد من هذا الإجراء تعزيز قدرة الحكومة الأميركية على جمع شتى المعلومات التي قد تكشف أي مخططات إسرائيلية لشن غارات على المنشآت النووية الإيرانية، أو شن هجمات على سوريا.